إن خيالا زارنا وهنا

إنَّ خيالاً زارَنا وَهنا

مِن عِندكُم هاجَ لنا حُزنا

ما زارَنا شَوقاً ولكن أتَى

ليُذكرَ الأبعدَ بالأدنَى

في كلِّ قَلبٍ سارَ في رَحلِكُم

مرتحلاً عن جَسَدٍ مُضنَى

رُدُّوا عَلينا ما أخَدتُم لنا

وعاودونا فيه إن عُدنا

ما دَامَتِ الأسرارُ مَكتُومةً

ما سَمِعَ الناسُ ولا قُلنا

أحبابَنا لا بَلغَت مِنكمُ

أيدي النَّوى ما بَلغَت منَّا

فلم يَغِب عَنكم عَلى بُعدِكُم

ما فَعلَت غَيبَتُكُم عَنَّا

أيسَرُ ما في أمرنا أنَّنا

لمَّا حَفِظنا عَهدكُم ضِعنا

كأنَّنا إذ فرَّقَتنا النَّوى

في كلِّ أرضٍ فَتَفَرَّقنا

ما جادَتِ السُّحب فَعمَّت بهِ

أو زَكَرِيَّاءُ ابنُ يُوحَنَّا

ذُو منظرٍ دلَّ على مَخبَرٍ

دَلالةَ اللَّفظِ على المعنَى

ولَّد حبُّ الحَمدِ ما بَينَه

وبينَ ما يَملِكُهُ الشَّحنا

فصارَ هَذا دأبَهُ فِيهما

لِعلمِهِ أيُّهما يُقنَى

مازالَ يَبني كَعبةً للعُلى

ويَجعَل الجُودَ لها رُكنا

حتَّى أتى الناسُ فَطافُوا به

واستَلمُوا راحَتهُ اليُمنَى

تُطربُكَ الأشعارُ في مَدحهِ

ولم يَصُغ قائِلُها لَحنا

فَلَستَ تَدري طَرَباً عِندَما

تسمَعُهُ أنشَدَ أم غَنَّى