كأن هواكم كان لي فيكم عذلا

كأَنَّ هَواكُم كانَ لي فيكُم عَذلا

فَلستُ بِراضٍ مِنكُم أبَداً فِعلا

أخَذتُ تَجنِّيكُم عَليَّ وهَجركُم

وأَعطَيتُكُم ذاكَ التَّملُّقَ والوَصلا

وناقَلتُكم حالاً بِحالٍ لتَعلَموا

إِذا ذُقتُم الحالَينِ أيُّهما أَحلَى

وَلمَّا استَجابَ النَّومُ لي قُلتُ مُسرِعاً

مكانَ انصرف يا لَيلُ يا لَيلُ قِف مَهلا

سَألتُكَ لا تَبرَح قَليلاً فإنَّني

سَأَلتُ الكَرى أَن يَهجُرَ الأعيُنَ النُّجلا

وَإن كُنتَ ممَّن يَتَّقي لَحظاتها

فعِدها بِضَوءِ الصُّبحِ واستَعملِ المَطلا

ويا زَمنَ العُشَّاقِ خُذها بِثارِهم

فَقَد أكثرَت في أهلِكَ الأسرَ والقَتلا

وأغيدَ أملَى طَرفه سِحرَ لَحظِهِ

عَلى لَفظِه حتَّى تَعلَّمَ ما استَملا

عَجِبتُ وقَد رامَ النُّهوضَ لحِلمِهِ

كأن لَم يَكُن فيما مَضى يَعرِفُ الجَهلا

وَما كانَ حِلماً من رَأيتُ وإنَّما

تُحمِّلُهُ الأَردافُ من خلفِهِ ثِقلا

وللحبِّ غاياتٌ وأصعَبُها الرَّدى

وقَد صارَ عِندي عندَما نالَني سَهلا

سَماحةُ نَفسٍ بِالمنونِ جَعلتُها

لفَرعِ احتِجاجي عندَ مَن لامَني أَصلا

كأنَّ رَدىً عذَّبتُ قَلبي بِحبِّه

ندىً فَكأنِّي كنتُ في حُبِّهِ الفَضلا

وما مِثلُهُ مِن قَبل جادَ وإنَّما

يُقالُ أتَى بالجودِ من عرفَ البُخلا

ولَو لَم يَكُن بخلَ الزَّمانِ مُوفّداً

إِلَيهِ الوَرى وَفداً لأَلزَمَه الفِعلا

يُرى جودُه خَوفَ الغِنى عنه داعِياً

إِلى اللَّهِ أن لا يَرفَعَ القَحطَ والمَحلا

علَى أنَّه ما عاشَ في الأَرضِ ضَامِنٌ

إِذا ظمِئَت أن يَخلِفَ العارِضَ الوَبلا

شَفيقاً عَلى أبنائِها متَعَطِّفاً

عَلى أهلِها حتَّى يَراهُم لَه أَهلا

فَتىً حطَّتِ الآمالُ رَحلي بِبابِه

وما رَضيَت باباً تَحطُّ بِه رَحلا

لِكُلِّ رَبيعٍ فَصلُهُ ورَبيعُهُ

مُقيمٌ عَلَينا ما عَرَفنا لَه فَصلا

أَخو هِمَّةٍ طالَت عُلواً كأنَّها

دُعاءٌ مُجابٌ باتَ يَرفَعُ فاستَعلا

وذكرٌ يَجولُ الأَرضَ حتَّى كأنَّه

يُحاوِلُ في هَذا الزَّمانِ لَه مِثلا

وعَزمٌ إِذا نارُ الحَوادِثِ عُوقِبَت

عَلى حادِثٍ مِن فِعلِها فَبِهِ تُصلى

خلائِق تُبقي صالِحاً يا ابنَ صالِحٍ

مِن الذِّكرِ لا يَفنى بمُكثٍ ولا يَبلَى

وتَدنو مِن العافينَ حتَّى كأنَّها

ولا هَزلَ فيها تَجمع الجدَّ والهَزلا

عَجِبتُ لشِعرٍ صحَّ لي فيكَ نَظمُهُ

بِعَقلي ومَا عايَنتهُ يُبهِرُ العَقلا

يُعرِّضُني للدَّهرِ صَرفٌ جَعَلتُهُ

وإِياكَ عِندَ الحَمدِ والذمِّ لي شُغلا

وما جارَتِ الأيامُ إِذ كانَ عدلُها

مِن الجَورِ لكِن جارَ من سامَها العَدلا