ما يصبح العاذل معذورا

ما يُصبِحُ العاذِلُ مَعذورا

إلا إذا أصبَحتَ مَهجورا

فزُر ولَو زُوراً تَجد قَولَه

عِندي كَما تَعرفُه زورا

ولا تكوننَّ عَلى صَبوَتي

معوِّلاً في الحبِّ مَغرورا

إنِّي إذا ما نارُ عَزمٍ خبَت

فلم ترَ العينُ لها نورا

كنتَ جَديراً أن تَرى ناقَتي

حامِلةً في كورِها كِيرا

وكم فراقٍ رَفَعت عيسُه

ذيلَ اشتِياقٍ كان مَجرورا

وإنَّما يُهدَمُ صَبري إذا

كان فُؤادي بكَ مُعمُورا

لأَجلدنَّ العَينَ حدّاً عَلى

ما صَنعَت والعين تَعزيزا

وإن كفاهُ بعضُ ما كان من

ضَربكَ تَوهيناً وتَشهيرا

يا صاحبَ البيتِ الذي كلُّ من

باتَ به أصبَحَ مَخمورا

ألحقني الناسَ عَلى قارحٍ

صَفراءَ لا تَعرفُ تَقصيرا

أربَعُها خمسٌ يدٌ حُلِّيت

بالحسنِ تَختيماً وتَسويرا

يَرفعُها بالكأسِ ذو مُقلَةٍ

مَقدورَةٍ تحمِلُ مَقدورا

فلا تَسَلني كيفَ أمسيتُ بال

حاملِ والمَحمولِ مَسرورا

ولا تَخَف ما يَصنَعُ الدهرُ بي

من بعدِ ما استَنصَرت مَنصورا

وبعدَ ما كرَّ نَداهُ مَعي

وضاعفَ الكرة تَكريرا

واستَخبِر الأيامَ عن صَرفِها

في أيهم أصبحَ مَحصورا

لتأمَنِ الآمالُ في مَسلكٍ

أم مَنهلٍ قَطعاً وتَغويرا

أبرزَتِ الأنجُمَ هِمَّاتُه

فاتَّخذت أبراجها دُورا

مُدبراتٌ بِالندى وَالردى

كأنَّها السَّبعةُ تَدبيرا

بنائِلٍ لو طُلتَ شم الذُّرى

كان به طولكَ مَغمُورا

كالبحرِ لا تدركُ من مائِه

غَوراً ولو رفَّعتَ تَشميرا

لكنَّ ذا يوجبُ في قُربِه

حَمداً وذا يوجِب تَكثيرا

أبلِغ أبا نَصرٍ بأنَّ الذي

حمَّلتَني حمَّلتُه العِيرا

فنَقلته رحلةً رحلةً

سَعياً لها بالشكرِ مَشكورا

وقارنَ الحمدَ ثناءً بِما

أولَى فَنادَيتُهما سِيرا

كلُّ امرئٍ يُذكرني جُوده

لكن بهذا صرتُ مَذكورا

لا غُيِّرَت حالُ يَدٍ أصبحَت

تُسرعُ في الأحوالِ تَغييرا