من لطول الهم والحزن

مَن لطُولِ الهمِّ والحَزنِ

ففُؤادي ليسَ يَصحَبُني

خانَه الصَّبر الجَميلُ عَلى

ما يُقاسِيهِ ولم يَخُنِ

ليتَهُ طَرفي فأُبدِلُه

شَجوَهُ بالمَنظَرِ الحَسَنِ

ليُقاسِي ناظِري كَمَداً

لم يَكن لَولاهُ يكمِدُني

ويَرى قَلبي مَحاسِنَ مَن

كانَ يَهواهُ فَيَعذِرُني

وعَلى الحالَينِ خُلفُهما

لم يَعد إلا عَلى بَدَني

كلَّما أمَّلتُ جارِحَةً

لي عَلى الكِتمانِ تُسعِدُني

نَثرَت عَيني مُراغِمَةً

فوقَ خدِّي بُردَةَ اليَمَنِ

جَهدُ سُقمي يا مَدامِعَها

أن تَبُوحي بي فتكتُمني

وأسيلِ الخَدِّ شاحِبهِ

كُحِلَت عَيناهُ بالفِتَنِ

تركَت حُمَّاهُ وَجنَتَهُ

في اصفِرارِ اللَّونِ تُشبِهُني

وأرَى خَدَّيهِ وَردهُما

ما جَنَى ذَنباً فكيفَ جُنِي

نُهِبا حتَّى كأنَّهما

ما حَوَت يُمنَى أبي الحَسَنِ

لم يَدَعها الجُودُ تَملِكُه

والنَّدى وَقتاً من الزَّمَنِ

تَتَبارَى سُحبُها مُزناً

في أوانِ المَحلِ والمُزُنِ

ذو جُفونٍ تَشتَري أبَداً

عَبرات النقع بالمُزنِ

وَيَدٍ تُبدي ندىً ورَدىً

تَجمعُ الضِّدَّينِ في قَرَنِ

للعُفاةِ اللائِذِينَ بِها

وَذَوي الأحقادِ والضَّغنِ

فإِذا مَا الخيلُ أورَثَها

كَرُّهُ شَوقاً إلى الوَطَنِ

ظَلَّ يَثني من أعنَّتِها

عَن عَليٍّ ما إِليهِ ثُنِي

يا عليَّ الخَيلِ إن رَكضَت

سُربا بِالبيضِ واللُّدُنِ

أسَجايا مُلهَمٍ وَرِثَت

أم رَضاعاً كنَّ في اللَّبنِ

ما كَذا كانَ الكِرامُ فسِر

لا عَلى حَدٍّ ولا سَنَنِ

أنتَ تأتي المَجدَ مُبتَدِعاً

لا بتَمثيِلٍ عَليهِ بُنِي

مُذ ولِيتَ الجُودَ معتَزِماً

ما عدا مَنٌّ عَلى مِنَنِ

لَستُ بِدعاً في مَدِيحكَ بَل

جاءَ كلٌّ فِيهِ يَقدُمُني

فَلِساني إذ أتاكَ بهِ

إنَّما يَروِيهِ عَن أُذنِي