هو اليأس إلا من حديث مقوت

هو اليأسُ إلا من حديثٍ مقوَّت

يروحُ إليه باجتماع موَقَّتِ

يسيرُ ندىً يَبقى يَسيراً من المَدى

وما مثلُ هذا الماء يُبردُ غُلَّتي

وقد جَمعوا أخبارَ من شفَّه الهوى

وتِلك أحاديثي وأخبارُ إخوتي

لحا اللَهُ داراً في الحشا تنزلونها

فإنَّكم شرُّ الجوارِ لِمُهجَتي

وأغيدَ لوَّى بغضَه لأَحبَّتي

على ما أرى من بغضِه لِمَحَبَّتي

وقد كنت أمضى منه فيما يريده

وأولى به لولا فؤادي ومقلتي

وقالوا أفِق واستأنفِ العمرَ سالياً

فقلتُ لهم بل مدَّة الحبِّ مدَّتي

وكأسٍ عليها مسحةٌ من مُديرها

مذاقاً وتشبيهاً بريقٍ ووَجنةِ

إذا عبَّ فيها قابلَتهُ تصفُّحا

فصحَّ لها من وجهه ما استملَّتِ

وقد كان قبلَ اليوم حرَّم وصلها

فحرَّمتها والآن حلَّ فحلَّتِ

فهاتِ اسقِنيها وانسني الناس أنسَهم

إذا اقتطعَتني نشوةٌ بعد نَشوةِ

كأن يد المعروف حسناء حرةٌ

من الفخر كلَّ الفَخرِ إن هي ضنَّتِ

فأما حسِبتَ الجودَ من عثراتِهم

فخذ كلَّ رجلٍ بالمفضَّل زلَّتِ

تجد عدَّةً يَستثقل البخلُ حملها

فإن حملتها راحة الجود خفَّتِ

وكم ضَمنت عنه تباشيرُ وجههِ

نجاحاً لراجيه فوفَّت وأوفَتِ

أضافَ إلى القُربى القريبة مثلها

من الجود واستَغنت به واستقلَّتِ

وكانت صروفُ الدَّهر عندي مقيمةً

إلى أن تولَّى صَرفَها فتولَّتِ

يدٌ تتمنى أن ترى من تُنيلُه

على أنها لم تخلُ مما تمنَّتِ

وكم كسبت مالاً قريباً منالُه

عليها فما استَغنت فجادت فأغنَتِ

أخو نجدةٍ في المكرمات سريعةٍ

يكاد بها يصغي لمن لم يصوِّتِ

رأى الناسُ أسباب العلى فيه سهلةً

فهمت نفوسٌ لم تكن قطُّ همَّتِ

ولم يعرفوا أفكارَه وهمومَه

ولو عَرفوا دقَّت عليهم وجلَّتِ