الصغيرة وخاتم النبوة

أهديَ رسولُ الله ، صلى اللهُ عليه وسلم ، يوماً ثوب طفلة ، أصفر اللوْن ، له أعلامٌ تزيّنه ..

فقال النبيُّ الكريمُ لمَن حوله:

( مَن تروْنَ أنْ نكسوَ هذه ؟ ) .

فسكتَ القوم ..

فقالَ الرسول :

( ائْتوني بأمِّ خالد ) ..

فجاءتْ الصغيرة يحملها أبوها خالدُ بنُ سعيد ، المهاجرُ القادمُ من الحبشة ..

فألبَسها الرسولُ ثوبَها بيديْه .. ثم أجلسَها على ركبتيه ..

وراحَ يَمسحُ على الأعلام ، مخاطباً إياها بالحبشية :

( سَنهْ !..

سنَهْ !..

يا أمَّ خالد ؟! )

أيْ : حسَنٌ ، حسَنٌ ، يا أم خالد ؟!

فرِحَت الصغيرة ، و راحتْ تلعبُ بخاتَم النبوّة بين كتفيه !

فأُحرِج أبوها ، فنهرَها .

ولكنّ رسولَ الله قال له :

( دَعْها ) !

وبلّغه سروره بها ، ثم قالَ لها :

( أبْلي ، ثم أخلِفي ..

أبلي ، ثم أخلِفي ..

أبلي ، ثم أخلِفي ) ..

..

..

يالَلطفولة إذْ يكسوها الرسولُ الأكرمُ أثوابَها الملونة !

يا لَلصغيرة الفقيرة إذ اختارها النبي الأعظم ، صلى الله عليه وسلم ، فألبسها حُلّتَها ..

ومسح على أعلامها ..

وخاطبَها بلغتها ..

وكنّاها بأمّ أبيها ..

كلّ هذا ليُدخِلَ الأفراحَ على قلبها الصغير من أبوابٍ متفرّقة كبيرة !..

ثم دعا لها بالبرَكة ، وطول العمر ، وبالهناء ولبس الثياب الجديدة ..

ونهى أباها إذ نهَرَها ، كيلا يخدش فرحتها !

هكذا تُكرَّمُ البنات ..

وهكذا تُرسمُ أطهر البسمات ..

( روى الحديث الإمام البخاري وغيره من المحدثين ) .