تهميش على دفتر الصداقة

أعفو ، إذا ركبَ الصديقُ الأصعب

وإذا رماني بالسِّهامِ و صوَّبا

وإذا تنكَّر للوفاءِ ، ولم يدعْ

للودِّ في بحر اللَّجاجةِ مَرْكبا

إنِّي لأعرضُ عن صديقي ، كُلَّم

أرغى وأزْبدَ بالخلافِ وأسْهبا

وأُحسُّ بالأسفِ الكبيرِ لأنَّهُ

أمسى منَ الذئبِ المخادِعِ ” أذْأبا “

وأراهُ أحوجَ ما يكونُ إلى الذي

يحميهِ من أثر السقوطِ إذا كبا

قالوا: رماكَ بما يسوؤكَ صاحبٌ

واشْتدَّ فيما لا يسُرُّ وأغربا

وتغيَّرتْ أحوالُهُ ، فغدا على

ما لا تُحبُّ تلوُّناً و ” تثعْلُبا “

فأجبتُ من قالوا ، بأنِّي لم أزلْ

أرجو له الغفرانَ فيما أذْنبا

قالوا: تطاول ، قلت : كم متطاولٍ

أمسى رفيقاً للهمومِ مُعذَّبا

قالوا : تجنَّى ، قلت : ذلكَ شأنُهُ

إنْ كانَ يرضى بالتَّجني مذهبا

قالوا : تنكَّر ، قلت ما ذنبي إذ

رضي الصحيحُ بأنْ يكونَ الأجْربا ؟!

قالوا: لقد كذبَ الحديثَ ، فقلت : م

شأني بمن وضع الحديث وكذَّبا ؟!

إنِّي أقولُ لمن جفاهُ صديقهُ :

كن أنت في ليل الجفاءِ الكوكبا

وإذا تقوقعَ في زوايا حقدِهِ

حَسَداً ، فكنْ أنتَ الفضاءَ الأَرْحبا

وإذا تمادى في التَّطاولِ صاحِبٌ

فاعلمْ بأنَّ العقلَ عنهُ تغيَّبا

واهْجُرهُ حتى يستعيد صوابَهُ

فأنا أرى هَجْر المُكابِرِ أصْوبا

واثبتْ ثباتَ “شَدَا” و “حُزْنَةَ” كُلَّم

لاقيتَ مهزوزَ الفؤادِ مُذبْذَبا

إنِّي أقولُ لمن أماتَ ضميرهُ

وقضى على معنى الوفاءِ وذوَّبا :

كم من صديقٍ في الحياةِ جنى الأسى

وجَنَى انتكاسَ القلبِ حينَ تقلَّبا