سيل أشواقي

مُقِلٌ ولكن بهمَّتي الأغنى

فما أشتكي نقصاً ولا أشتكي غَبْنا

أميرةَ قلبي لستُ بالشاعرِ الذي

يُقدِّمُ باليُسرى ويأخُذُ باليُمنى

ولستُ الذي أصغي لكلِّ ناعقٍ

إذا سمعَ الأبواقَ أصغى لها الأُذُنا

ولستُ الذي يخلو من الحبِّ قلبُهُ

ويطعنُ ظهرَ الواثقينَ بهِ طعْنا

تعلَّمتُ من صفو الحياةِ وبؤسه

دروساً عليها ظهرُ طالبها يُحنى

فَطِنتُ إليها منذُ أنْ غرَّد الصِّب

وحرَّكَ أشواقاً غدوتُ بهام ُضنى

وأجرى بحارالشوقِ في نبضِ خاطري

فلا تسألي ، ماذا رأينا وما ذُقنا

أُحبُّكِ لو أنَّ البلابلَ أدْركتْ

حقيقةَ هذا الحبِّ ما ادَّخرتْ لحْنَا

ولو أنَّ حبي مدَّ للكونِ كفَّهُ

لما قدَّرتْ ليلى هواها ، ولا لُبنى

ولو أنَّ تياراً منَ السيلِ جارف

تحدَّرَ منْ أعلى الجبالِ إلى الأدْنى

ووطَّأ أكنافَ الهضابِ وساقه

وحوَّلها من بعدِ شدَّتها عِهْنا

وسارَ إلى طول البلادِ وعرْضه

ولمْ يُبقِ سقفاً للبيوتِ ولا رُكنا

ولم يُبقِ للأقدامِ فيها مواضِع

ولمْ يُبقِ للناجينَ من سيلِهِ سُكْنى

وحوَّلَ آثار البلادِ ولم يدعْ

لأحْسنها في مُقْلتيّ ناظرٍ حُسْنا

وغيَّرها سهلاً وتلاًّ وروضةً

ولمْ يُبقِ للأشجارِ جِذعاً ولا غُصنا

وشرَّدَ من فيها وشتَّتَ شمْلَه

و لم يُبقِ لا إنساً عليها ولا جِنَّا

رأى سيلَ أشواقي إليكِ لأصبحتْ

حقيقتُهُ مِمَّا رآهُ بلا معنى

وأدركَ أنَّ القلبَ بالصَّبر شامخُ

تصبَّرَ حتَّى لمْ يُقِمْ للأسَى وزْنا

كذلكَ قلبُ الحرِّ يسمو بحبِّهِ

ويُشرقُ نبضاً حينما يشتكي حُزْنا

أميرة قلبي لا تخافي ألمْ تري

شوامِخَ آمالي على همَّتي تُبنى

أوجِّهُ للمولى جميعَ حوائِجي

فما ألطف المولى الكريمَ وما أحْنى

هو الأمنُ للإنسانِ ممَّا يُخيفُهُ

ومن لاذَ بالمولى الكريمِ رأى الأمْنَا