درة الشرق

الغِنى ، والتُّراثُ ، والأدبُ

وَجَلالُ التاريخ ِ.. والحَسَبُ

والمَغاني..والمَرتَعُ الخَصِبُ

وصَريرُ الأقلام ِ.. والكتُبُ

والظُّبا ، والجيوشُ ، والأ ُهَبُ

أنا آتٍ وأضلُعي تَجِبُ

لا تَلُمني ، فإنَّها حَلَبُ !

*

*

دُرَّة َالشَّرق ِ.. أيُّ مُعجِزَةٍ

هُتِكَتْ فَجأة ًبها الحُجُبُ

فَتهادى سناكِ ألفَ مَدىً

يَبهَرُالعَينَ وهو يَنسَربُ

سائلي : ما تَقولُ في حَلَبٍ؟

إسأل ِالرُّوحَ كيفَ تَنخَلِبُ

إسأل ِالقلبَ كيفَ يُربِكُهُ

خَفقُ نَجم ٍفي اللَّيل ِيَضطرِبُ

مُوقِظا ًفي الضُّلوع ِذبَذبَة ً

مُنذ ُألفٍ نَأتْ بِها الحِقَبُ !

سَلْ ضَميرَالتاريخ..أصْدَقَهُ

فَلَها فيهِ قِصَّة ٌ عَجَبُ

نَجمَة ً نَجمَة ً مَجَرَّتُها

تَتَعَرَّى ، واللَّيلُ يَلتَهِبُ

مثلَ نافورَةٍ تَضُجُّ سَنىً

هكذا ،هكذا هيَ الشُّهُبُ !

*

*

سأقولُ الشَّهباءُ أ ُختُ أبي

كبريائي .. ومائيَ العَذِبُ

سَلْ ظِماءَ التاريخ..كلُّهُمُو

دونَ مَنٍّ مِن نَبعِها شَرِبوا

ومَضَوا،وانطوَتْ صَحائفُهُم

وهيَ رَيَّا ، وَعُودُها رَطِبُ!

ورَوَوا أنَّ روحَها احتَجَبَتْ

غُرَّة ُ الشمس ِكيفَ تَحتجِبُ؟!

هيَ فَجرُ الآدابِ أجمَعِها

والثَّقافاتُ حِملُها ذ َهَبُ

مِن أبي الطَّيِّبِ العَظيم ِلها

نَسَبٌ ليسَ بَعدَهُ نَسَبُ!

وابنُ حَمدانَ لم يَزَلْ دَمُهُ

دونَ حَدِّ الإسلام ِيَنسَكِبُ

وَسَراياه ُ حَدَّ خَرشَنَة ٍ

مُنذ ُ ألفٍ خيولُها تَثِبُ!

إنْ يَكُ الرُّومُ عادَ عائِدُهُم

فالرِّجالُ الرِّجالُ ما نَضَبوا

أمس ِكانَتْ مَصَدَّهُم حَلَبٌ

وَسَتَبقى مَصَدَّهُم حَلَبُ!

*

*

عِمْتِ مَجدا ًدِمَشقُ ، رُبَّ أذىً

لِخَلاص ٍمِن الأذى سَبَبُ!

رُبَّ ساع ٍ لِلشَّرِّ مُحتَطِبٍ

جَذ َّ يُمناهُ وهوَ يَحتَطِبُ!

فَإذا أوقَدُوا مَجامِرَها

فَبِهِم سوفَ يُحْدِقُ اللَّهَبُ!

*

*

ها عراقُ الرِّجال ِمُحتَرِبٌ

زَلزَلَ الكَونَ وهوَ يَحتَرِبُ

لَيلَة ً لم تَنَمْ مَحاجِرُهُم

وَخُطاهُم م ِ الظِّلِّ تَرتَعِبُ

عَقرَبُ الخَوفِ كلَّ ثانيَةٍ

بينَ أحشائهِم لها ذنَبُ!

وَهُمو يَسألونَ من هَلَع ٍ

أينَ من أرض ِبابِلَ الهَرَبُ؟!

هيَ بغدادُ أيقَظوا دَمها

فَعَلى أيِّ لُجَّةٍ رَكِبوا؟!

*

*

إنَّنا يا دمشقُ من وَجَع ٍ

عَصَبٌ يَستَفزُّهُ عَصَبُ

إسألي القلبَ حينَ يَشعَبُهُ

ذِكرُ بغدادَ كيفَ يَنشَعِبُ!

هيَ بغدادُ يا دمشقُ..لَها

دمُ كلِّ العراق ِيَصطخِبُ

لا تَقولي روَيدَكم ، فَبِنا

ضِعفَ مَجرى دمائنا غضَبُ

بَعدَ بغداد لا سَعَتْ قَدَمٌ

بِخُطانا،ولا استَوَتْ رُكَبُ

هيَ بغداد ..لن تَذِلَّ لهم

ولَو الرُّومُ كُلُّهُم ألِبُوا

ألفُ جيش ٍ، بألفِ مُعتَصِمٍ

دونَ بغداد سوفَ يَحتَرِبُ!

جُثَثا ًتُصبحُ الزروع ُبها

وَدَما ًسوفَ تَهطلُ السُّحُبُ!

أ ُختُها أنتِ..فيكِ سَورَتُها

وإباها ، وبَحرُها اللَّجِبُ

وهمو يَعلمون..لو خَدَشوا

فيكِ خَدشا ًفالكونُ يَنقلبُ

سَتَميدُ الدُّنى بآهِلِها

وَيُرى منكِ وَسْطَها قُطُبُ

يُمسِكُ الأرضَ حولَ دارَتِهِ

وهيَ طُرَّا ًإليهِ تَنجَذِبُ!

سَتَضجُّ الآمادُ أجمَعُها

والثَّرى كلُّها سَتختَضِبُ

بكِ ..بالأكرَمينَ فيكِ دَما ً

لا بأهل ٍ دماؤهُم كَذِبُ!

*

يا ذِمامَ التَّاريخ ِ، مَعذِرَة ً

رُبَّ شَوطٍ أزرى بِهِ التَّعَبُ

رُبَّ خَيل ٍطارَتْ حَوافِرُها

والفتوحاتُ أ ُفْقُها الرَّحِبُ

عَثَرَتْ ، وانطوَتْ قَوائِمُها

تَحتَها ، والتُّرابُ يَنتَحِبُ!

*

*

كانَ يوما ًأيْكٌ..وَذاتَ عَمىً

صَوَّحَ النَّبعُ فيهِ والغَرَبُ!

كانَ زَهوٌ..وكانَ فَرْط ُتُقىً

وَخَلاقٌ بِهِنَّ نَحتَسِبُ

كلُّها قُوِّضَتْ مَدارِجُها

والذينَ ارتَقَوا بها ذ َهَبوا!

أ ُختَ بغداد..دارَ دَورَتَهُ

زَمَنُ الأكرَمين ، واغتَرَبوا

وبَقِينا نُديرُ أعيُنَنا

فإذا النَّاسُ كلُّهُم جُنُبُ

وإذا أقرَبُ الأنام ِ لَنا

بَعدَ إذن ِالغُزاةِ يَقتَرِبُ!

شامِتا ً..أو مُواسيا ًوَقِحا ً

بأذ َلِّ النِّقابِ يَنتَقِبُ!

*

*

لا تَقولي ديارُنا نُكِبَتْ

قَبْلُ ياما آباؤنا نُكِبوا

واستَقَرُّواعلى الشَّجا قِمَما ً

تَخشَعُ الأرضُ حينَ تَنتَصِبُ

وعلى كلِّ ما جَرى دَمُهُم

يُفزعونَ الرَّدى إذا غَضِبوا!

*

*

أ ُختَ بغداد..جَلَّ قَدْرُكِ أن

تُذكَري حينَ يُذكَرُ الوَصَبُ

أنتِ زَهوُ الدُّنيا وَهُم عَطَبُ

أنتِ زَهْرُ الدُّنيا وَهُم حَطَبُ

شَعَفاتُ التاريخ ِأنتِ..وَهُم

في أعَزِّ ادِّعائِهِم ذ َنَبُ!

فَتَعالَيتِ .. إنَّ مِحنَتَنا

بِبَني العَمِّ مِحنَة ٌعَجَبُ!

*

*

يا مَغاني الشَّهباء..مَعذِرَة ً

رُبَّما تُذهِلُ الفَتى النُّوَبُ

أنا أدري بأنَّ قافيَتي

شَرَدَتْ عنكِ فوقَ ما يَجِبُ

رُبَّ عَصماءَ جِدِّ باسِلَةٍ

زَعزَعَتْ كبرياءَها الرِّيَبُ!

كانَ صوتي بِزَهوِ مِئذ َنَةٍ

وانحَنى ، فهوَ مُشفِقٌ حَدِبُ

فاعذ ُريني..بغدادُ مَذبَحَة ٌ

والشَّجا مِن دِمَشقَ يَقتَرِبُ!

فإذا ما تَمَزَّقَتْ لُغَتي

فَلَها مِن تَمَزُّقي سَبَبُ!

سوفَ يَبقى التاريخُ يسألُنا

لِلعيون ِالأجفانُ والهُدُبُ

فَلِماذا بِكَفِّها قَطَعَتْ

كلَّ أجفان ِعَينِها العَرَبُ؟!