عصفت فأوقد أيها الغضب

عصَفَتْ فأوقِدْ أيُّها الغضَبُ

أوقِدْ ، وَكُلُّ دمائِنا حَطَبُ

عَصَفَتْ ، فَأوقِدْ أيُّها الغَضَبُ

أوقِدْ ، وأحْر ِقْ كُلَّ شائِبَة ٍ

فينا لِيَبقى الخالِصُ الذ َّهَبُ

يَبقى العراقيُّون .. لا دَنَسٌ

في أرضِهِم .. وأرا ذِ لٌ جُنُبُ

يَتَحَكَّمونَ بِهِم، وَيَحكُمُهُم

في أرضِهِم فُرْسٌ ، وهُم عَرَبُ !

أهلي العراقيِّين .. ما طَلَعَتْ

شَمْسٌ ، وَلا أغفى لَها هُدُ بُ

إلا وَهُمْ أ لَقٌ بِبُؤبُؤِها

تَغفوعلَيه ِ حينَ تَحتَجِبُ !

هُم سُومَرٌ .. هُم بابِلٌ .. أكَدٌ

هُم هذِه ِ الأمجَادُ والحَسَبُ

آشُورُ ، مُذ ْعَرَباتُه ُ انطَلَقَتْ

بِغُبارِهِنَّ الشَّمسُ تَنْتَقِبُ

وَهُمُو نُبُوخَذ ْ نُصَّرَ اليَدُه ُ

بَنَت الجَنَائِنَ تَسْبَحُ الشُّهُبُ

مِن فَوقِهِنَّ..وَهُم ، وألفُ وَهُم

هُم غُرَّة ُالمَنصورِ تَنتَصِبُ

بَغدادُ .. والتاريخُ يَخشَعُ إ ذ ْ

تَعلُو المَنائِرُ فيه ِ والقُبَبُ !

وَهُمُ الرَّشيدُ بِكُلِّ هَيْبَتِه ِ

تَسعَى ، وَلا تَجتازُه ُالسُّحُبُ !

والسِّندبادُ .. جَناحُ نَورَسِهِ

يَطوي البِحار..وَقِصَّة ٌعَجَبُ

في كُلِّ غامِضَة ٍ يَمُرُّ بِها

شُغِلَتْ بِها الأقلامُ والكُتُبُ !

وَهُمُو هُمُ المَأمُونُ .. مَجْلِسُه ُ

والعِلمُ ، والشُّعَراءُ ، والأدَ بُ

بَلْ هُم عَليٌّ .. جَلَّ مَرقَدُه ُ

وَهُمُ الحُسَينُ وَ آلُهُ النُّجُبُ

لَم تُطْلِع الأيَّامُ مِثلَهُما

شَمْسَين ِ..هذا ابنٌ ، وَذاكَ أبُ !

أولاءِ أهلي ..خَيرُ مَن عَمَرُوا

أرضا ً، وَأعظَمُ مَن بِها وَثَبُوا

وَهُمُ الحَيَاة ُ بِكُلِّ بَهْجَتِها

وَهُمُ الشَّهادَة ُ عِندَما تَجِبُ

والآنَ .. ها هُم ، أيُّها العَرَبُ

ها هُم بِما اغتِيلُوا ، بما سُلِبُوا

وَبِما أهِينُوا ، واستُهِينَ بِهِم

جاعُوا أشَدَّ الجُوع، واغتَرَبُوا

والأرضُ كُلُّ الأرض ِتَرفُضُهُم

حتى بِأقرَبِ أهْلِهِم نُكِبُوا !

حتى الذينَ بِقِدْرِهِم أكَلُوا

حتى الذينَ بِكأسِهِم شَرِبُوا

حتى الذينَ دِماءُ أ كرَمِنا

غَصَّتْ بِها الوديانُ والتُّرَبُ

مِن أجْلِهِم ، صارَتْ مَحارِمُهُم

يُعدَى عَلَيها حَيْثُما ذهَبُوا

لَولا دِمَشقُ .. أ ُجِلُّ نَخوَتَها

عَن أنْ يُلامِسَ نُبْلَها عَتَبُ

أمّا العراقُ ، فَمِلْءَ أعيُنِكُم

هذي الدِّماءُ ، وَهذِه ِ الخِرَبُ !

أبناؤه ُ حَطَبٌ لِكُلِّ يَدٍ

جاءَتْ مِن المَجهول ِتَحتَطِبُ

لا الطِّفلُ يَنجُو..لا الشَّبابُ نَجا

لا الأ ُمَّهاتُ نَجَونَ، لا الشُّيُبُ

والآن .. أوقِدْ أيُّها الغَضَبُ

أوقِدْ ، وَكُلُّ ضُلوعِنا حَطَبُ

أوقِدْ ، فَلا واللَّهِ ما شُعِبَتْ

رُوحي كَما هيْ الآنَ تَنشَعِبُ !

أوقِدْ ، فَدَجلَة ُوالفُراتُ هُما

شَرَفُ العراقيِّينَ يا غَضَبُ

قَد أصبَحا وَشَلا ً ، وَحَولَهُما

دَمْعُ العراقيَّاتِ يَنسَرِبُ

أوقِدْ فَشَمسُ الحَقِّ قد سَطَعَتْ

وَعلى لَظاكَ خيُولُها تَثِبُ

هذا أوانُكَ فاشتَعِلْ لَهَبا ً

وازحَفْ مَعَ الثُّوَّار يا لَهَبُ !

لَكَ يا عراقَ المَجدِ كُلُّ دَمي

وَدِماءُ أهلي الآنَ تَصطَخِبُ

يا ماليءَ الدُّنيا بِنَخْوَتِه ِ

وَبِجُودِه ِ.. يُعطي وَيَحتَسِبُ

كَي لا يَرى أحَدٌ مُروءَ تَه ُ

وَيَظَلُّ عُريانا ً بِما يَهَبُ !

سِتِّينَ قَرنا ً يا عراقُ وَلَم

تَتعَبْ ، وَمَن أعطَيْتَهُم تَعِبُوا !

في كُلِّ أرض ٍ مِنكَ مُشْتَجَرٌ

وَ دَ مٌ مَعَ الأهْلِينَ يَنسَكِبُ

وَأتَتْكَ نارُ الأرض ِ أجْمَعِها

والأهلُ ..لا نَبْعٌ وَلا غَرَبُ !

واليَومَ يَومُكَ أنتَ..لا هَطَلَتْ

إلا بِأرضِكَ هذه ِ السُّحُبُ !

اليَومَ يَومُكَ يا عراقُ ، فَقُلْ

لِشَبابِنا بِدِماكُم ُ اعتَصِبُوا

لِتَكُنْ دِماؤكُمُو دُروعَكُمُو

فَيَرى عِدانا كَيفَ نَحتَرِبُ !

اليَومَ يَومُكَ أنتَ يا غَضَبُ

اليَومَ مِنكَ المَوتُ يَرتَعِبُ

بَلْ أنتَ مَوتُ المَوتِ ، يَفزَعُ إذ

طُوفانُ غَيظِكَ مِنه ُ يَقتَرِبُ

أنتَ العراقُ .. فَأيُّ مَظلَمَة ٍ

جَعَلَتْكَ سَبْعَ سِنينَ تَنتَحِبُ ؟!

أنتَ العراقُ ، وَها لَقَد زَحَفَتْ

فيكَ الدِّماءُ الآنَ لا الخُطَبُ !

لا الدَّمعُ، لا الشَّكوى بَل انتَفَضَتْ

رُوحُ الشَّبابِ بِكُلَّ ما وُهِبُوا

شَرَفا ً، وَعَزما ًصادقا ً، وَدَما ً

هُم باسمِهم نَدَبُوا ، وَهُم نُدِبُوا !

فَلْيَسْمَع ِاللَّيلُ المُحيط ُبِهِم

أنَّ النَّهارَ أتَى وَلا هَرَبُ !

أنَّ النَّهارَ أتَى وَلا هَرَبٌ

إنَّ النَّهارَ أتَى وَلا هَرَبُ !