- Advertisement -

يا وارف الظل

ذِكراكَ والليلُ ، والأمطارُ ، والسُّحُبُ

وصَوتُ مِرزابِ جاري ، وهوَ يَنتَحِبُ

وَوَحشَة ُالموتِ ، والنَّجوى ، ومَكتَبَتي

وأنتَ مِثْلَ انسِرابِ الضَّوءِ تَنسَرِبُ

كأنَّما مِن ضَميرِ الغَيبِ تَسألُني

ماذا سَتَنفَعُكَ الأ قلامُ والكُتُبُ؟!

لا بأسَ .. أدري بأنِّي بالِغٌ أجَلي

أبا سِنان ٍ.. وأنِّي مُوحَشٌ ، تَعِبُ

مُستَنزَفٌ .. وشَراييني ، وأورِدَتي

دَمي بِها كالتِهابِ الجَمرِ يَلتَهِبُ

*

*

أدري ، وأدري بِأنَّ العُمرَمِن قلمي

مِثلَ المِدادِ على القِرطاس ِِيَنسَكِبُ

وأنَّ قلبيَ مِن وَجْدٍ ، وَمِن قَلَق ٍ

وَجيبَ جِنح ِالقَطا في أضلُعي يَجِبُ!

هَل عِشتَ إلا لِهذا؟..أو لأنبَلَ مِن

هذا ؟..فأيَّ اضطِرابٍ كنتَ تَضطربُ؟!

أنتَ الذي كنتَ عُودا ً لا وِقاءَ لَهُ

مثلَ السَّنابِل ِ، إلا حَبُّهُ الرَّطِبُ!

أعطى لها عُمرَهُ ، حتى إذا نَضَجَتْ

ألوَتْ بها الرِّيحُ ، والتاثَتْ بها التُّرَبُ

طوباكَ .. في كلِّ أرض ٍمنكَ سُنبُلَة ٌ

ونَجمَة ٌ.. ونُهَيْرٌ ماؤهُ عَذِ بُ!

يا وارِفَ الظِّلِّ.. يا نَبعا ً جَداوِلُهُ

قلبُ العِمارَةِ في شُطآنِها يَثِبُ!

*

*

نَيْفٌ وَعشرونَ مَرَّتْ ، وهيَ والِهَة ٌ

يَبكي بأهوارِها البَرديُّ والقَصَبُ!

الله .. في لحظَةٍ كيفَ انطوى وَهَوى

العِلمُ ، والحِلمُ ، والأخلاقُ ، والأدَبُ؟!

وكيفَ أهلُكَ ما مادَتْ مَنازِلُهُم

كأنَّهُم ما رأوا هَولا ً، ولا نُكِبُوا؟

وكيفَ لِلآن لا يَدرُونَ عنكَ سِوى

أنَّ ابنَهُم عالِمٌ ، قَبْلَ اسمِهِ لَقَبُ!

أمَّا النُّبوءَ ة .. أمَّا ما نَذ َرتَ لَهُُ

شَتاتَ عُمرِكَ حتى شَفَّكَ العَطَبُ

شَفَّا ً..وحتى نَشَرتَ الرُّوحَ أشرِعَة ً

واللَّيلَ بَحرا ً، ورَكبُ المَوتِ يَقتَرِبُ

وأنتَ تَختَصِرُ الأبعادَ هائِلَة ً

وَقَد تَلاقَتْ على راحاتِكَ الشُّهُبُ

فَما لَهُم حِصَّة ٌ فيهِ ، فَعِندَهُمو

لا يَحكُمُ العِلمُ لكنْ يَحكُمُ الذ َّهَبُ!

*

*

وَعِندَهُم ليسَ لِلأحلام ِ مِن سَبَبٍ

لكنْ لأصغَرِ رِبح ٍ عِندَهُم سَبَبُ!

وأنتَ تَحلَمُ .. أترَعْتَ الدُّنا حُلُما ً

حتى لَكادَتْ تَهاوى دونَكَ الحُجُبُ

وجاءَ كَ الموتُ..ها أهلوكَ..لا فُجِعُوا

ولا استُفِزُّوا ، ولا رِيعوا ، ولا رُعِبُوا

يُعَلِِّلونَ بِهذا الحَفل ِ أنفُسَهُم

أنْ قَدَّمُوا لَكَ باسم ِالنَّاس ِما يَجِبُ

وأنتَ تَدري بِأنَّ الدَّ ارَ تَسكُنُها

بِيعَتْ ، وقَبرُكَ هذا..مُوحِشٌ خَرِبُ

وأنَّ كلَّ الذي أبدَعْتَ مِن دُرَر ٍ

لِلعِلم ِ ، تَحتَ الغُبارِ الآنَ يَحتَجِبُ

قُلْ لي إذ َنْ سَيِّدي..هل أنتَ مَيِّتُهُم

أم الَّذينَ تُوُفُّوا أهلُكَ النُّجُبُ؟!

وَهَل كَبُرتَ بِهِم..أم هُم كَعَهدِهِمو

كَبيرُهُم بَينَهُم عُريانُ مُستَلَبُ؟!

*

*

أيَعلَمونَ بأنَّ التُّرْبَ تَسكُنُها

يَوما ً لَها يَتَمَنَّى النَّجمُ يَنتَسِبُ؟!

وأنَّ كلَّ نَهارٍ ضَيَّعُوكَ بِهِ

أولادُهُم عَنهُ يَوما ً ما سَتَحتَرِبُ

وأنَّهُم .. بَينَما تَبقى تُضيءُ لَهُم

سَيَذهَبونَ ، فَلا نَبْعٌ ، ولا غَرَبُ

لا مالُهُم .. لا مَتاعٌ يَزدَهُونَ بِهِ

يَبقى..ولكنْ سَيَبقى وَجهُكَ الحَدِبُ!

يا جَذوَة َ العِلم ِ.. يا أعلى مَراتِبِهِ

إذا استُفِزَّتْ بهِ الألقابُ والرُّتَبُ

هل أنصَفَتْكَ مَراقي العِلم ِكنتَ لها

مؤسِّسا ًعُمرَهُ يُعطي وَيَحتَسِبُ؟!

أم أنَّها أنكَرَتْ باني مَدارِجِها

وَمَنْ قَضى عُمرَهُ فيهِنَّ يَغتَرِبُ؟

*

*

إذ َنْ فَمَن ذا سَيُعطي الأرضَ رَونَقَها

أبا سِنان ٍ إذا ما أهلُها ذهَبُوا؟!

وَمَنْ يُعيدُ إلى الدُّنيا مروء َتَها

إذا بَنُوها على آبائِهِم شَغِبُوا؟

وكيفَ نُمسِكُ بالميزان ِ نَرفَعُهُ

إنْ لم نَكُنْ بِنِقابِ الحَقِّ نَنتَقِبُ؟

إذا كَفَرتَ بِثَدي ٍ كنتَ تَرضَعُهُ

فَأيُّ شيء ٍعليهِ لَستَ تَنقَلِبُ؟!

أبا سِنان ٍ ، أراني مُوقِظا ً وَجَعي

وَما ليَ الآنَ في إيقاظِهِ أرَبُ

لِكنَّهُ لِمَصَبٍّ أنتَ تَعرِفُهُ

يَجري ، ونحنُ كلانا فيهِ نَصطحِبُ

أنا بِهِ مَحضُ إنسان ٍ.. وكنتَ بِهِ

قِدِّيسَ عَصر ٍتَلاقَتْ حَولَهُ النُّوَبُ

*

*

عُذرا ً إذا كنتُ أ ُدني منكَ مَجمَرَتي

أبا سِنان ٍ ، وأنتَ الهاديءُ العَذِبُ

أنتَ الذي ما دَرى يَوما ً مُحَدِّ ثُهُ

عن هَمِّهِ ، أيُّ جُرح ٍ منهُ يَقتَرِبُ

وأنَّ هذا الذي يُصغي بِلا ضَجَر ٍ

إلَيهِ ، أوجاعُهُ أ ُمٌّ لَهُ وَأ بُ!

فإنْ أكُنْ هِجتُ جُرحي فهوَ منكَ ذِما ً

ألَيسَ يَجمَعُنا مِن جُرحِنا نَسَبُ؟!

أنعِمْ مَساءً ، وَطِبْ نَفسا ًبأفرُخِنا

أبا سِنان ٍ..لقد غَطَّاهُمُ الزَّغَبُ

وَنَسألُ اللهَ .. إنْ طالَتْ قَوادِمُهُم

وأبعَدَتْ عَنهُمُ أهوالَها الرِّيَبُ

أنْ يَهتَدوا لِمَسارِالنُّورِ سِرتَ بهِ

وكُلُّهُم بِشُعاع ٍ منكَ مُنجَذِبُ..!

- Advertisement -

- Advertisement -

اترك تعليقا