وهيهات لم يعلم بسرك مشفق

وَهَيهاتَ لَم يَعلَم بِسرِّكَ مُشفِقٌ

أَمينٌ وَلَم يَطلع عليه نَصوحُ

تَروحُ عَلَينا الريحُ في نَفَحاتِها

شَذاكُم وَرَيّا طيبِكُم فَتُريحُ

فَلا تَبعَثوها غيرَ لَيلٍ فانَّني

أَغارُ مِن الجُلاس حينَ تَفوحُ

وَيا خلّ خلِّ اللَوم عَنّيَ مُحسِناً

فَلَومُكَ في الوَجهِ المَليح قَبيحُ

وَقائِلَةٍ خَلِّ التَصابي فانَّهُ

مَع الشَيب شَينٌ فاحِشٌ وَفضوح

وَمل ما بَقي مِن لَذَّة العَيش في نَقاً

بَياضِ نَهارٍ بالظَلامِ يَصيحُ

وَزائِرَةً نَمَّت عَلَيها حُجولُها

وَعرفٌ إِذا ما كَتَّمَتهُ يَفوحُ

فَبِتنا جَميعاً مالَنا مِن دنيَّة

دَنوُّ وَلا نَحو الجُناحِ جُنوحِ

إِلى أَن بَدا ضَوءُ الصَباح كَأَنَّهُ

سَنا يُوسُفٍ في النَقع حينَ يَلوحُ

صَحيحٌ صَريحٌ مجدُهُ وَفَعالُهُ

تَصَدَّق فيهِ المَدحُ وَهوَ صَحيحُ

لَهُ هزَةٌ عِندَ المَدائِح لِلنَّدى

كَما اِهتَزَّ غُصنُ البان وَهوَ طَموحُ

حييٌّ غَضيضُ الطَرف عَن كُلِّ محرم

وَلَكِنَّهُ نَحوَ العَلاءِ طَموحُ

شُجاعٌ لَدى الهَيجاجَبانٌ عَن الخَنى

كَريمٌ عَلى العِرض المَصون شَحيحُ

بَعيد المَدى نائي العُلى شاحِطُ الأَذى

قَريبُ النَدى داني الرَبابِ

شَديدٌ إِذا يُعصى المُراد مُعاقِبٌ

وَلينٌ إِذا يُعطي القِيادَ صَفوحُ

وَلا جَزِعٌ عِندَ الشَدائِد خاضِعٌ

وَلا بَطِرٌ عِندَ الرَخاءِ مَروحُ

مَنوعٌ إِذا ما سيمَ لَهواً مُساعِدُ

قَريبٌ إِذا سُئِلَ اللُهى وَمَنوحُ

لَهُ هِمَّةٌ لا تَنثَني دونَ مُمكِنٍ

وَرأيٌ إِذا ما الرأيُ قالَ نَجيح

إِذا خَفيت طُرقُ المَعالي عَن العَدى

فَفيها ظُهورٌ عِندَهُ وَوضوحُ

عَطاءٌ إِذا شَفَّ العَطاءُ مَوفّرٌ

وَحِلم إِذا خَفَّ الحلومُ رَجيحُ

هَنيئاً لأَرضٍ حَلَّ فيها فانَّهُ

يَسحُّ النَدى منه بِها وَيَسيحُ

إِذا ما أَتى مَيتاً مِن الفَقرِ جودُهُ

فَما هُوَ إِلّا عازِرٌ وَمَسيح

وان حارَبَ الأَعداءَ أَمسى أَقلُّهُم

طَريداً وَإِمّا جُلُّهم فَطَريحُ

فَريقانِ شَتّى كُلُّهُم بجسومِهِم

جُروحٌ وَفي حَبِّ القُلوبِ جُروحُ

فللتَ العِدى جَمعاً وَأَذهبتَ ريحَهم

فَما بِعَدوّ من عِداتِكَ روحُ

فَيا جَبَلَ العَزِّ الَّذي هُوَ شاهِقٌ

مِن المَجدِ وُهدٌ دونَهُ وَسُفوحُ

أَزلت عُيوبَ الدَهرِ في كُلِّ بَلدَةٍ

وَفَقري عَيبٌ في الزَمان قَبيحُ

وَكُنتُ هجرتُ الشِعرَ كَي لا يُغيضُني

عُبوسُ شَحيحٍ يُرتَجى وَكُلوحُ

أَأَحيا وَهَذا الشِعرُ بَعضُ فَضائِلي

فَقيراً بحمصٍ أَغتَدي وَأَروحُ

مرض وودّ صَحيح

كانَ تَأويلُ ذا الصُدود الصَريحُ