سحاب الند منتشر الضباب

قال:

سَحاب النَّدِّ مُنتشِرُ الضبابِ

وبنت الكأْس راقصةُ الحَبابِ

وعينُ الدّهرِ قد رَقَدتْ فأَيقظ

سروراً طرفُه بالهمّ كاب

ولا تستصْرِخَنَّ سِوى الحُمَيّا

إِذا باداك دهرُك بالحِراب

إِذا مُزِجتْ يطير لها شَرارٌ

يَفُلّ شَبا الهموم عن الضِّراب

ولا تقلِ المشيب يعوق عنها

فقد ضمِنَتْ لنا رَدّ الشباب

ولا تبغ الفِرار إِلى لئيمٍ

تُلاطفه فيخشُن في الجواب

فلي هِممٌ، إذا سطتِ الليالي،

مجاثمها على هام السحاب

هي الدنيا تَسُرُّ إِذا أَرادت

وتَحْزُن مَنْ تريد ولا تُحابي

إِذا انتبهتْ حوادثها لشخصٍ

فليس يُنيمها سَمَرُ العِتاب

فإِن زادت فأَوْسِعْها فُؤاداً

قويّ الجأْش مُنْفَسِح الرِّحاب

متى كَمُلَتْ رياض الفضل خِصْباً

فأَرضُ الحظّ مُجْدِبة الجَناب

تُضيءُ المُشْكلاتُ بفضلِ قَوْلي

ويرتاع المُلاسِن في خطابي

وإِن طال المُفاخِرُ بالمَعالي

وحاولني تقاصر عن هِضابي

وأَعْجَبُ كيف تخفيني اللّيالي

ووجه الشمس يَخْفى في شِهابي

وُجوهُ مَناقبي حَسُنَتْ ولكن

بِذَيْل الحظّ قد طاب انتقابي

ثياب العِرض إِن دَنِسَتْ لِقَوْمٍ

فكن ما عشت مُبْيَضَّ الثياب

وأَسلمني الزّمانُ إِلى أُناسٍ

إِذا عُدُّوا فليسوا من صِحابي

رَقُوا ظُلماً وأَنفسُهم ترامت

بهم طبعاً إِلى تحت التراب

عليهم للكلاب مزيدُ فضلٍ

وليس لهم مُحافظةُ الكلاب

لهم دون الرغيف سِهامُ لؤمٍ

تَصُدُّ القاصدين عن الطِّلاب