لقد سمح الدهر بالمقترح

لقد سمح الدّهرُ بالمُقْتَرحْ

وكان السكوتُ تمامَ الفرَحْ

وما زال إِنشادُك الشعر لي

يَمُرُّ بسمعيَ حتى انقرَحْ

ونغَصتَ عَيْشي بترداده

وأَفسدتَ من حالتي ما صلضح

فلا خير في نظم هذا القريض

ولا في تغزُّله والمِدَحْ

لحا الله قلباً يحبّ المِلاح

ولثْمَ الأَقاحي ورَشْف القَدَحْ

ويهتَزُّ عند اهتزاز الغصون

ويعجبه ظَبْيُ سِرْبٍ سَرَحْ

وتُطربه رَوْضةُ العارِضيْن

وما في شمائِلها من مُلَحْ

لئِن سَرَّكُمْ حُسنُ وَجْهِ الحبيب

فما ذاك عنديَ إِلاّ تَرَح

وللهِ دَرُّ عجوزٍ تروق

لطرفِ الحكيمِ إِذا ما لَمحْ

ويُعْجِبُه صِبْغُ حِنّائِها

وما بين أَسنانها من قَلَح

لها رَحِمٌ مثلُ حبل العِقال

إِذا ما دنوت إِليه رَشَح

وإِن حَرَّكتْه ذُكور الرّجال

تخيَّلْت ذاك كنيفاً فُتِح

فهذي مقالة هذا الحكيم

ولا خَيْرَ فيمن إِلها جَنَح

فَدَعْ قوله واختصر صورةً

كأَنّ الجمال لها قد شرح

إِذا ما استدارتْ نطاق الخصور

وماستْ قُدودٌ بزَهْوِ المِدَحْ

فكم من غريقٍ بماء الجفون

وكم من زِنادِ فؤادٍ قَدَح

أَدِرْها وروِّ بها حائِماً

ودارِكْ بقيَّةَ عُمْرٍ نَزَح

ولا تَجعلِ المزج إِلاّ الرُّضاب

وواصل غَبوقك بالمُصْطَبَح

أَطِعْ في حبيبك غِشّ الهوى

وعاصِ العذول إِذا ما نصح

ولُذْ بضلالك قبل الهدى

وبادِرْ ظلامك قبل الوَضَح

وَدَعْ عنك وَضْعَ شِباك المُحال

ونَصْب الفخخ وعَدَّ السُّبَحْ

ولا تُغْلِقَنّ بحمْل الهمو

م بابَ السّرور إِذا ما انفتح

وإِنْ خِفتَ من عاتبٍ فاستترْ

بليل الشَّباب إِذا ما جَنَح

فَتَبّاً لدهرٍ يُعِزُّ اللئام

وقدرُ الكرام به مُطَّرَحْ

ذَلول إِذا ما امتطاه الجهول

وما رامه الحُرُّ إِلا مُمْتَدَح

وقد طُمِسَتْ أَوجهُ المَكْرُمات

وقد عُطِّلَتْ هُجْنُها والصُّرُح

ولا خير فيمن غدا طائِعاً

للؤمٍ أَلَمَّ وبُخْلٍ أَلَحْ

إِذا بهرجته عُقولُ الرّجال

وأَخجله النّقْص لمّا افتضح

لئن قَصَّرَتْ خُطوةُ الحظّ بي

فماليَ عن هِمّتي مُنْتَزَح

وإِن عَدَّ مُفْتخِرٌ فضلَه

فبي يُخْتَمُ الفضلُ بل يُفْتَتَح

وكم للفضائلِ من خاطبٍ

وما كلُّ خاطب بِكرٍ نَكَح