انزل لتلثم ذا الصعيد مقبلاً

اِنزِل لِتَلثِمَ ذا الصَعيدَ مُقَبِّلاً

شَرَفاً وَإِجلالاً لِمَولى ذا المَلا

وَقُلِ السَلامُ عَلَيكَ يا مَن لَم يَزَل

كَنزاً لِأَبناءِ الهُمومِ وَمَعقِلا

وَاِشكُر أَيادِيَهُ الَّتي أَولاكَها

فَلَقَد أَطابَ لَكَ العَطاءَ وَأَجزَلا

وَأَشِر إِلَيهِ بَعدَ ذاكَ مُوَدِّعاً

تَوديعَ لا مَلَلٍ عَراكَ وَلا قِلى

أَفديهِ مِن مَلِكٍ لَقَد أَضحى بِهِ

جَدُّ المَكارِمِ وَالأَكارِمِ مُقبِلا

ما كُنتُ آمُلُ مِن نَداهُ أَنالَني

فَأَنا لَهُ رَبُّ العُلى ما أَمَّلا

أَلفا مُصَتَّمَةٍ أَجازَ وَبَغلَةً

تَشأى النَعامَةَ وَالحَرونَ وَقُرزُلا

وَمِنَ المَلابِسِ خِلعَةً لَو قابَلَت

رَوضَ الحِمى أُنُفاً لَكانَت أَجمَلا

وَوَراء ذَلِكُمُ اِعتِذارٌ أَنَّهُ

لَولا أُمُورٌ جَمَّةٌ ما قَلَّلا

وَأَحَبُّ مِن هَذا إِلَيَّ لِقاؤُهُ

لِي مُسفِراً عَن بِشرِهِ مُتَهَلِّلا

وَسُؤالُهُ لِي كَيفَ أَنتَ وَقَولُهُ

أَهلاً أَتَيتَ وَزالَ نَحسٌ وَاِنجَلى

فَأَضاءَ في عَيني النَهارَ وَقَبلَ أَن

أَلقاهُ كانَ عَلَيَّ لَيلاً أَليَلا

وَشَكَرتُ حادِثَةً أَرَتني وَجهَهُ

لَو كانَ نَزعُ الرُوحِ مِنها أَسهَلا

وَغَفَرتُ زَلَّةَ ظالِمَيَّ لِكَونِها

سَبَبَ اللِقاءِ وقلتُ أَيسَرُ مَحمَلا

إِن كانَ قَد أَبقى حَسُودي باهِتاً

فَلَأُبقِيَنَّ حَسُودَهُ مُتَمَلمِلا

وَلَأَكسُوَنَّ عُلاهُ ما لا يَنطَوي

أَبَدَ الزَمانِ وَلا يُلِمُّ بِهِ البِلى

وَلَأعقِدَنَّ عَلى ذُؤابَةِ مَجدِهِ

تاجاً مِنَ الدُرِّ الثَمينِ مُفَصَّلا

وَلَأَضرِبَنَّ بِجُودِهِ الأَمثالَ كَي

يَشدُو بِها مَن شاءَ أَن يَتَمثّلا

بِأَبي الهُمامِ أَبي الفَضائِلِ ذي العُلى

وَالمَكرُماتِ فَما أَبَرَّ وَأَفضلا

كُن أَيُّها الساعي لِإدراكِ العُلى

كَأَبي الفَضائِلِ في النَدى أَو لا فَلا

وَأَما لَعَمرُ اللَهِ لَستُ بِمُدرِكٍ

شَأوَ الأَميرِ وَما عَسى أَن تَفعَلا

لِلّهِ بَدرُ الدِينِ مِن مَلِكٍ فَما

أَوفى وَأكفى لِلخُطُوبِ وَأَحمَلا

مَلِكٌ أَنَختُ بِهِ الرَجاءَ مُؤَمِّلاً

فَرَجَعتُ مِن جَدوى يَدَيهِ مُؤَمَّلا

أَيّامُهُ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ وَقَد

ضَمنَ الأَخيرُ بِأَن يَفُوقَ الأَوَّلا

زَهَت البِلادُ بِهِ فَما مِن بَلدَةٍ

إِلّا تَمَنَّت أَن تَكُونَ المَوصِلا

مَن مُبلغ ساداتِ قَومي أَنَّني

لاقَيتُ بَعدَهُم الجَوادَ المُفضِلا

وَنَزَلتُ حَيثُ المَكرُماتُ وَقُمتُ في

حَيثُ اِبتَنى المَجدَ المُؤَثَّلَ وَالعُلى

يَفديكَ بَدرَ الدِينِ كُلُّ مُسَربَلٍ

بِاللُؤمِ غايَةُ حَزمِهِ أَن يَبخَلا

حَفِظَ الحُطامَ وَسَلَّ سَيفاً دُونَهُ

وَأَضاعَ مِنهُ العِرضَ تَضيِيعَ السَلا

فَغَدَت تُمزِّقُهُ الرِجالُ وَتَختَطي

لُجَجَ البِحارِ بِهِ وَأَجوَازَ الفَلا

يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي في كَفِّهِ

بَحرٌ أَرانا كُلَّ بَحرٍ جَدولا

لا تَحسَبَنَّ ثَنايَ لِلمالِ الَّذي

خَوَّلتَنيهِ فَلَم أَزَل مُتَمَوِّلا

وَالمالُ عِندَكَ كَالتُرابِ مَحَلُّهُ

تَحبُو بِهِ مَن هانَ قَدراً أَو عَلا

لَكِن رَأَيتُ خَلائِقاً ما خِلتُني

أَحظى بِرُؤيَةِ مِثلِها في ذا المَلا

لَولا النُبُوَّةُ بِالنَبِيِّ مُحَمَّدٍ

خُتِمَت لَقُلتُ أَرى نَبِيّاً مُرسَلا

قُل لِي أَمَلكٌ أَنتَ أَم مَلكٌ فَمَن

نَظَرَ العُجابَ فَحَقُّهُ أَن يَسأَلا

ما هَذِهِ الأَخلاقُ في بَشَرٍ وَلا

هَذا السَماحُ إِذا اللَبِيبُ تَأَمَّلا

فَبَقيتَ ما بَقِيَ الزَمانُ لِذا الوَرى

كَهفاً نَلُوذُ بِهِ وَسِتراً مُسبَلا

وَبَقيتَ لِلمَعرُوفِ أَيضاً وَالعُلا

أَبَداً بَقاءَهُما ثَبيرَ وَيَذبُلا

وَأَراكَ رَبُّكَ ما تُحِبُّ وَعاشَ مَن

يَشناكَ يَهوى المَوتَ مِن جَهدِ البَلا