غرام أثارته الحمام السواجع

غَرامٌ أَثارَتهُ الحَمامُ السَواجِعُ

ونارُ جَوىً أَذكَت لَظاها المَدامِعُ

وَقَلبٌ إِذا ما قُلتُ يُعقِبُ راحَةً

أَبَت حُرَقٌ تَأتي بِهِنَّ الفَجائِعُ

أَفي كُلِّ يَومٍ للحَوادِثِ عَدوَةٌ

لَها في سُوَيدَا حَبَّةِ القَلبِ صادِعُ

فَلو أَنَّ هَذا الدَهرَ لا دَرَّ دَرُّهُ

يُسالِمُ أَربابَ العُلى وَيُوادِعُ

وَلَكِنَّهُ يَختارُ كُلَّ مُهَذَّبٍ

لَهُ الفَضلُ فينا وَاللُهى وَالدَسائِعُ

أَبَعدَ اِبنِ إِبراهِيمَ يا دَهرُ يُبتَغى

إِلَيكَ خُلودٌ أَو تُرَجّى صَنائِعُ

تَعِستَ لَقَد عَلَّمتَنا بَعدَهُ البُكا

وَعَرَّفتَنا بِالثُكلِ ما الحُزنُ صانِعُ

فَتىً كانَ بَرّاً بِالعَشيرَةِ راحِماً

رَؤُوفاً بِها لا تَزدَهيهِ المَطامِعُ

وَلَم تَلقهُ في مَحفَلٍ مِن نَدِيِّهِ

يُشاري عَلى ما ساءَها وَيُبايِعُ

وَلَو شاءَ جازى بِالعُقوبَةِ قُدرَةً

وَلَكِن لَهُ مِن خَشيَةِ اللَهِ رادِعُ

يَصُدُّ عَن العَوراءِ حَتّى كَأَنَّما

بِهِ صَمَمٌ عَمّا يَقولُ المُقاذِعُ

كَريمُ الثَنا تَأبى الدَنِيَّةَ نَفسُهُ

هُمامٌ لِأَبوابِ الحَوادِثِ قارِعُ

لَهُ حِكَمٌ مَأثورَةٌ حينَ تَلتَقي

بِآرائِها عِندَ المُلوكِ المَجامِعُ

يَقولُ فَلا يُخطي إِذا ما تَأَخَّرَت

عَنِ القَولِ ساداتُ الرِجالِ المَصاقِعُ

جَميلُ السَجايا كُلَّما اِزدادَ رِفعَةً

تَواضَعَ حَتّى قيلَ ماذا التَواضُعُ

سَواءٌ عَلَيهِ في القَضِيَّةِ مَن دَنَت

بِهِ الرَحِمُ القُربى وَمَن هُوَ شاسِعُ

نَشا مُذ نَشا لَم يَدرِ ما الجَهلُ وَالخَنا

وَسادَ بَني أَيّامِهِ وَهوَ يافِعُ

وَلا عَرَفَ العَوراءَ يَوماً وَلا اِنتَحى

إِلى خطَّةٍ يَبغي بِها مَن يُقاذِعُ

إِذا قيلَ مَن أَوفى مَعَدٍّ بِذِمَّةٍ

أَشارَت إِلَيهِ بِالبَنانِ الأَصابِعُ

لَقَد فُجعَت غُنمٌ وَبَكرٌ وَطُوطِئَت

لِمَهلِكِهِ أَكتادُها وَالقَبائِعُ

كَما فُجِعَت مِن قَبلِهِ بِجِدُودِهِ

بَنُو جُشَمٍ وَالمَجدُ لِلمَجدِ تابِعُ

فَصَبراً بَنِي مَستُور فَالدَهرُ هَكَذا

وَكُلٌّ عَلَيهِ لِلمَنايا طَلائِعُ

فَفيكُم بِحَمدِ اللَهِ حِصنٌ وَمَعقِلٌ

وَنُورٌ مُبينٌ يَملَأُ الأُفقَ ساطِعُ

فَمَن كانَ عَبدُ اللَهِ مِنهُ خَليفَةً

فَما ماتَ إِلّا شَخصُهُ لا الطبائِعُ

فَتىً لَم يَزَل مُذ كانَ قَبلَ اِحتِلامِهِ

يُدافِعُ عَنكُم جاهِداً وَيُصانِعُ

فَما عاشَ فَالبَيتُ الرَفيعُ عِمادُهُ

يَطولُ عَلى الأَيّامِ وَالرَبعُ واسِعُ

وُقِيتَ الرَدى وَالسُوءَ يا با مُحمَّدٍ

وَحَلَّت بِمَن يَهوَى رَداكَ القَوارِعُ

تَعَزَّ فَكُلٌّ سَالِكٌ لِسَبيلِهِ

وَكُلُّ اِمرِئٍ مِن خَشيَةِ المَوتِ جازِعُ

وَنَحنُ سَواءٌ في المُصابِ وَإِن نَأَت

بِنا الدارُ فَالأَرحامُ مِنّا جَوامِعُ

وَلا شَكَّ مِنّا في التَأَسّي وَإِنَّما

نُعَزِّيكَ إِذ جاءَت بِذاكَ الشَرائِعُ