بين القدود وبين أعطاف القنا

بين القدود وبين أعطاف القنا

نسبٌ تصير لهُ الأسنَّة أعينا

سيَّان أهيف مائسٌ أو رامحٌ

هزَّ القوام أو القناة ليطعنا

يثني نسيمُ الدلّ من أعطافهِ

غصناً أشف من القضيب والينا

ريَّان من ماء الصّبا لو جاذبت

أعطافهُ الشكوى تأوُّد وانثنى

أرأيت أفصحَ من فتورِ جفونهِ

يصف السقامَ وخصره يشكو الضَّنى

ولقد بكيتُ وحطَّ فضبَ لثامهِ

فرأيت ورداً في الشتاء وسوسنا

تباً لمن صنع السيوف لتنتضى

بوغى ومن صنع الدروع لتقتنى

شم ما بجفنك إذ تكون وقيعةٌ

وهب السيوفَ القاضبات الأجفنا

وأفزع إلى حلق العذار فقد غدا

منهنَّ أحسن في العيون وأحصنا

تشفي بسقمٍ لا يفارقُ صحَّةً

وتغير في صبح يقارن موهنا

كم زورةٍ نطق النطاق فصاحةً

فيها رحمتُ لها السوار الألكنا

عانقتُ فيها الغصن أميد أهيفاً

وقنصت فيها الظبي أغيد أعينا

دينارُ خدّك بالغدار مسطَّرٌ

عجباً لدينار ينال به الغنى

لو لم تكن عيناي في عرسِ لما

ألبستها ثوبَ الدموع ملوَّنا

أمعنفَ المشتاق باح بشجوه

لولا دفيه غرامهِ ما أعلنا

قد كنت حيث دموعهُ تصف النوى

لعلمت أنَّ من المدامع ألسنا

ولطالما طويت صحيفة سرّه

واليوم ترجمها البكاءُ وعنونا

أمَّا نائلٍ ترجوه ثم تخافهُ

والبحر مخشيٌّ وأن وهب الغنى

عشق السماح فما لهُ من سلوةٍ

فوصاله الجدوى فرادى أو ثنا

يسقي بعيداً كالسحاب ودانياً

فاشكر نداهُ من هناك ومن هنا

وأخاف قلب العين حتى شابهُ

ذاك الصُّفارُ ليأسهِ أن يخزنا

دفعت علاهُ في صدور عداته

ومشت فضائلهُ على خدّ الدُّنى

ولهُ اليراعُ وتلك من شيم الظبى

أن شيم يوم الجمع راع وزَّينا

والسيف يبدي شحذهُ وصقالهُ

حدَّا خشنا وصفحاً لينا

حتف العدات مع العداة فريقهُ

عذب الجنى مرُّ العذاب لمن جنى

غصنٌ إذا يسقى بماء مدادهِ

هزَّت معاطفهُ فأثمر بالمنى

وجرى فأثر في الطروس غباره

خبباً يبذُّ السابقات على الونا

ولنا به الشرف الأثيل نحلهُ

فنحلُّ عالي السمك عادي البنا

رفعت نواظرنا بنجمِ ثاقبٍ

زان الصباحَ ضياؤه والموهنا

يزداد في ظلم الخطوب هدايهً

كأخيهِ في الظلماء يسمو بينا

قمريّ حسن الوجه نجميُّ العلى

فلكيّ سير العزم شمسيُّ السَّنا

ليقم مقامك في الفصاحة والنَّدى

من ظنّ إدراك المعالي هينا

هيهات ما هذا البعيدُ بممكنٍ

ولربما طلب البعيد فأمكنا

لله جودك ما اسحَّك مملقاً

كفَّا وحلمك مغضياً ما أرصنا

حتى كأنَّ العار أخذك مذنباً

أولاً تكون من الغوادي أهتنا

ثقَّفتَ زيغ الدهر بعد شماسهِ

والنتَ منهُ جانباً مخشوشنا

وحللت من دست الوزارة مزلقاً

لحظاتِ غيرك ثابتاً متمكنا

ما فقتَ جمع عداك فذّاً مفرداً

حتى انتخبت الحمدّ وانتخبوا الكنى

أنضاهمُ همُّ النَّصار وجمعهِ

وعناك من همّ المكارم ما عنى

فإذا سمعت حديث جودٍ وارداً

صحَّحتهُ فنما إليك معنعنا

ولقد أزرتكَ من حدائقِ منطقي

ما سار في الدنيا مباحاً صيّنا

سقيت منابته هواك فأطلعت

زهراً ولكن بالمسامع يجتنى

من كلّ ممطور الخميلة جلَّ عن

طرسٍ فأصبح في القوب مدوَّنا

أهدى نضارتهُ الصُّراح من النُّهى

فأذال علويّ الكلام وهجّنا

وثنى حسودك بالدموع مغسَّلاً

قبل الممات وفي الثّياب مكفَّنا

وسريت نحوك والخطوب شواهدٌ

والنجم يغمض ناظراً متوسنا

والصبح في غمد الظلام كأنما

يخشى عيون وشاته أن تفطنا

بعرامسٍ مثل القسيّ تناقلت

كالسَّهم أضعفه الزمان وأوهنا

ظمئت فما وردت وليس ببدعةٍ

من ماء بشرك آجناً متأسنا

يا ناقَ ذا قصرُ العزيز وهذه

مصرٌ وهذا يوسفٌ فلك المنى

أضحت ربوعك للأماني كعبةً

أبداً تحجُّ وللسماحة معدنا

فكأن عيد النحر دهرك كلُّه

من غير ما نفرٍ وساحتها منى

نسيت بها صدّاء وهي رويةٌ

ومنابت السعدان مخصبة الجنى

فكأنّ أيام العقيق وحاجرٍ

عادت بظلِّ أراكها والمنحنى

أفحمت بالإحسان كلّ مفوَّهٍ

منَّا وأنطقت الجماد الالكنا

ما بات عن جهلٍ بشكرٍ كافراً

من ظلّ عن علمٍ بفضلك مؤمنا

فبنيت خصم الدهر تنهب ما حمى

وتشدُّ ما أوهى وتهدم ما بنى