خليلي من سعد قفا فتأملا

خليليَّ من سعدٍ قفا فتأملا

بقية ما أضنى الفراق وانحلا

وجسماً مقيماً بعد صبرٍ ترحَّلا

أما واللَّمى وجداً بساكنةِ الملا

لقد ضاق باع الصبر أن أتحمَّلا

…….

بليت بدمعٍ كالغواني تلوُّنا

وقلبٍ أبي إلاَّ الصبابة والعنا

فقيرٌ من السلبوان لا يأمل الغنى

إذا الحسن أعطاها من النفس المنى

فما شأن أجلاب القطيعة والقلى

…….

خذي الدمع إلاَّ فابعثي سنة الكرى

وجودي بطيفٍ لو أذنتِ لهُ سرى

ولا تحبسي قلباً من الصبرُ معسراً

أذاد كما شاء الدلال فلا أرى

بخدّك روضاً أو بثغرك منهلا

…….

أهنتِ فتى لولا جفونك لم يهن

وخنتِ محباً في المحَبة لم يخن

سخياً بنفسٍ غير سرّك لم يصن

وحملتني ذنب الدموع ولم يكن

بأول دمعٍ أو دمٍ طلَّه طلا

…….

سقى الله أطلال الثنية ملعبا

وحياً الحيا تلك الأباطح والرُّبى

ليالي لم يركب من الهجر مركباً

تنقَلتِ عن عهد الغواية والصّبا

ومن عادة الأقمار أن تتنقلا

…….

نجوتِ بنفس من غرامي سليمةٍ

وحلتِ طباعاً عن عهودٍ كريمةٍ

وما أنا ممن يدّعي نقلَ شيمةٍ

وملتِ إلى الواشين غير ملومةٍ

ومن يمنع الأغصان أن تتميلا

…….

سرى البارق النجديُّ لو كان انجدا

فذكر أطراب العقيق وجدَّدا

ولولا الجوى ما كنت أسأله الندى

لعلّ أهاضيب الحيا تنقع الصدى

وما شب ومضٌ بالجوانح يصطلى

…….

هو السابق المحمود في كل موقفٍ

إذا ما جرى في متن بيداء صفصفِ

أفاض عليها كل بردٍ مفوّفِ

يحدّث عن جود العزيز بن يوسفِ

إن أنهلَّ أو عن بشرهِ أن تهللا

…….

تقابل منهُ طلعة البدر بازغا

فتى غادر التوحيد للشرك دامعاً

وماء الندى في وجنة الدهر سائغاً

سحبنا به كمَّا من المزن سابغا

ودسنا به ذيلاً من المزن مسبلا

…….

يرى أن جوداً يبلغ المنَّ سبَّةٌ

وتصحبهُ نفسٌ إلى المجد صبَةٌ

حبيبٌ إليها المال والمال نهبةٌ

وما جمعتهُ والسحائبَ حلبةٌ

من المحل إلاَّ جاءَ في الجود أولاً

…….

أجاز فأضحى كلُّ نادٍ بهِ ندِ

فما طال منهُ عمرُ وغدٍ إلى غدِ

وأغنت أيادي كفّهِ كلّ ذي يدِ

فلولا انقطاع الوحي بعد محمدِ

لكان نبياً في السماحة مرسلا

…….