عدمت الغنى مذ أصبح الحظ مملقا

عدمتُ الغنى مذ أصبح الحظُّ مملقا

وعطّل جيدٌ كان قبلُ مطوَّقا

وما الشيب إلاَّ بارقٌ أهتدي بهِ

إذا لاح في ليل الصّبا متألقا

وما صرفتني الأربعون عن المهى

إذا اتلعَ النجديُّ منها وأعنقا

أغازل غزلانَ العفاف بمقلة

ألمَّ بها طيفُ السُّهاد فأرَّقا

إذا هزَّ جهلٌ عطفَ حلمي مخادعاً

ثنى منهُ كفاً لم تجد متعلَّقا

ولستُ كهاماً في مناجزة المنى

ولمن حساماً زاد حسناً ورونقا

أنا السيف فيه الماءُ والنار طالما

توقد في غمدِ الحجى وترقرقا

وكم خضت وحدي لجّة الليل تأخذا

أليَّ هلال الأفق للوجد زورقا

وما زال سحري جامعاً ومفرّقا

…….

قصرت خطو قناعهِ

فما شمتُ ذا ومضٍ وأن كان مغدقا

كذلك لم أعدم من الفضل جنَّةً

أنال جنى أفنانها متأنقا

فيا ابن الألى لم يتركوا لابن سؤددٍ

قديماً إلى شاو العلى متسلَّقا

ومن دوَّخ الدنيا أبوهُ ببأسه

ولا عجبٌ للماءِ أن هو أشرقا

أرقُّ الورى صفحاً وأقسى شريسة

وأدناهمُ جوداً وأبعدُ مرتقى

ويا علماً للوفد يخفقُ ظلّهُ

فما عادهُ ذو حاجةِ عاد مخفقا

تشوَّقت ألفاظي وكلُّ ابن همَّةٍ

يظلُّ إلى أمثالها متشوقا

عقائلُ لم تعدم من الناس عاشقاً

وما زال في الناس الحمال معشَّقا

فما بالها تبغي الوفاق فتنثني

لطيمة خدٍّ إذ تزور الموفقا

وأني لها أن يجزل المهرَ خاطبٌ

وقد وجدت بابً البشاشة مغلقا

يراجعها حلمُ النهَّى ويردّها

إلى خدرها عذراء كاملة التَّقى

وما كفؤها إلا مليكٌ وصاحبٌ مطلقا

…….

مخدرةً في حيث كان وصيتها

وأن غرّبت يطوي البلاد مشرقا

تراها خلال السلم سربَ جآذر

وفي حومة الهيجاء والطعن فيلقا

إلى كم تهزّ المجد تهفو فروعهُ

…….

وتسري من الآمال في كل دجيةٍ

أنارت وأغسقا

ولأن لها حتى إذا طعمت بهِ

تغرب عن أخلاقه وتنوّقا

أهذا ولا عتباً توخيت مؤلما

فيقسو ولا ذنباً تجنيتُ موبقا

وهلاَّ اقتفى فعل الوزير فإنني

أخذت به من ناكث الدهر موثقا

إذا جئتهُ في عسرةٍ بعد عسرة

حبا نائلاً حمّاً ووقع مطلقا

فكم حكتُ وشيا حين أرسل ديمةً

وبيَّضتُ معنى حين سوَّد مهرقا

ومن يسلبُ الصبحَ المنيرَ ضياءهُ

ومن ذا يسدُّ البحر أن يتدفقا

كذاك أريج المسكِ ينضجُ كفّهُ

ومن عادة النوَّار أن يتفتقا

وكم من جوادٍ لم يقم بمدائحي

وأن كان سهماً في المعالي مفوَّقا

وبينكما في كل حالٍ تفاوتٌ

إذا زوجت من بعل نعماك طلقا

وإن وهبت أيديهم رمم اللهى

فأنت جديرٌ أن تعيد وتخلفا

وعندي من الأيام ما يرقص الحشا

ويصبحني كأسَ الدموع مروقا

لأحرق بي ماء الدموع كآبةً

وحسب الأسى أن يصبح الماءُ محرقا

ولكنَّما ثوب الشبيبة معلمٌ

وحيَّات فكري لا تلين على الرُّقى

النواظر دونهُ

إذا برق بشرٍ من سناهُ تألقا

وابلغني الآمال لا بابَ ذلَّةٍ

طرقتُ ولا سوراً قطعتُ وخندقا

فجاوز ذكري البرَّ والبحر سائراً

ودوّم مثلي في السماء وحلَّقا

فلو رام جمح الليل ستر جبينهِ

لصدّع أبواب الظلام ومزَّقا

فما بال هذا الدهر رامَ يمضُّني

وجدَّد جدّي ثم عاد فأخلقا

وخامرني بعد السرور خمارهُ

وقد كان مشمولَ الشَّمول مصفَّقا

لعلّك منتاشي من العثر باعثاً

بروحٍ من النعماء في جسد الشقا

ومطلع أقمارٍ من الفضل غيَّب

فق كنت لي من أفق نعماك مشرقا

لقد نحلت دون الرضى مرتعاتها

وأن أنت لنم تغضب لها فلك البقا

فلو رام صرف الدهر شيئاً يرمنه

تقاصر عبداً أو تطاول معتقا