قد اغتدى والصبح عاري المطلع

قد اغتدى والصبح عاري المطلع

بأصمع القلب حديد المسمع

مؤلل الأنياب احوى المدمع

كأنما علت بسم منقع

يمرق من جلد الظلام الأسفع

أخذ نجوم الليل نحو المهيع

كالقوس أو كالسهم في التسرع

لم أر برقاً غيره لم يلمع

ولا رأيت طائراً بأربع

أمهق مسود رماح الأذرع

يلقي الوحوش كغراب أبقع

وناظر بمقلتي مروع

يكاد من فرط الذكاء المشبع

يجيب وهم ربه وما دعي

ينصب كالسيل جرى في مدفع

ويعتلي كالبارق الملتمع

أي قرى ضيف وزين مجمع

لاحق الأقراب ضخم الأضلع

مقابل الخلقة نهد جرشع

قيد الفرا حتف الظباء الرتع

نصرة موتور ومال مدقع

لو كر في أعقاب ريح زعزع

غادرها حسرى ولما تسرع

ذي حافر حاس ورأس طيع

وهو غليظ السبع حافي الأربع

به أصيد الوحش وحش البلقع

كأنها منه بواد مسبع

وفوقه ألقى العدى في المجمع

فهو أمان الأمن يوم الفزع

وكافل زاد الرفاق والجوع

ذو جمل الإحسان لا ذو اللمع

وصاحب ثانيه لما يطبع

مشيع ناهيك من مشيع

مهتزة عطفاه لا من زمع

متى يرد ماء الحديد يشرع

ورد القطا صدر الغدير المترع

كجذوة متى تشمها تقطع

كأنما أدنيتها من شمع

في أي أشحاء دجى لم يصدع

وأي عام ماحل لم ينجع

به رعى كل حميم ممرع

واحتل جو الفارس السميذع

وسار في قلب العجاج الأدرع

كالوجد في أحشاء صب مولع

أمن أخي خوف وروع أروع

تثني به رمدى عيون الأدرع

لو جاز أن يفصح للمستمع

حدث عن عاد وقوم تبع

ويوم ردت شمسة ليوشع

حديث بر لا يمين ممتع

ذم أناس عفتي وورعي

وجزعي ولات حين الحزع

لكنه عند حلول الطمع

لست بساأل ولا بضرع

ولا بنكس لا ولا بأهزع

ما نقموا غير الفخار الأرقع

وموضعاً جاوز كل موضع

وكل معنى فائق مبتدع

مقتضب الأبيات أو مصرع

أحسن من هتف الحمام الوقع

يسجع في الدنيا وإن لم يسجع

وجل ذنبي عند تلك الشيع

حب عتيق والبطين الأنزع

وأنفي من السباب المقذع

وذاك بدع عند أهل البدع

لا غيظ من ري ولا من شبع

سيعلم الناعي مقالي إن نعي

أمعه الحق أم الحق معي

وأينا كان وخيم المرتع

في يوم لا ينفع بذل الأدمع

وكل جنب واقع لمصرع

وإنما الدنيا سبيل الخدع

وصرفها بينة للمدعي