محيك أحيا الوجد بل اتلف الصبا

وقال أيضاً:

محيّكِ أحيا الوجدَ بل اتلفَ الصبّا

وقلبكِ أمسى ساكناً يزعج القلبا

خفي الله في طرفٍ سلبتِ رقادهُ

وصبرٍ لذي الأشواق غادرتهِ نُهبى

أراكِ جهلتِ الحبَّ حين هجرتني

ولن يهجرُ العشّاقَ من عرفَ الحبّا

وني زائرٌ باتت عقاربُ صدغهِ

لقلبي وصبري تُدمنُ اللّسبَ والسّلبا

حمى طرفهُ الفتّان روضةَ خدّهِ

فقد جرّدَ الألحاظ واشتمل الهُدبا

أأحبابنا عفواً مقالةَ مذنبٍ

وحقّكمُ لم اجنِ في حبّكم ذنبا

جمعتم علينا الصدَّ والعتبَ في الهوى

بحقّ الهوى لا تجمعوا الصدَّ والعتبا

عهدناكمُ ألباً على النأي برهةً

فما بالكم صرتم علينا لها ألبا

لئن ظلتمُ حزبَ القطيعةِ والنّوى

فإنّ الجوى والشّوقَ أمسى لنا حزبا

فإمّا بدا ركنٌ هفوتُ مسائلاً

وطولُ سؤالِ الرّكبِ لا ينقعُ الكربا

وإن هبَّ نجديُّ النسيم اعترضتهُ

ومن لي بنجديّ النسيم إذا هبّا

هبوا بحياةِ الحبِّ لبّاً لعاشقٍ

متى ما دعاهُ البرقُ من نحوكمْ لبّى

لقد فلَّ من قلبي شبا الصبرِ لمعهُ

وأيةُ نارٍ في الجوانح ما شبَا

كأنَّ الغوادي خلنَ دمعي عاصياً

فقد جرّدتْ منهُ على مقلتي عضبا

أكلّفُ أرواح الصّبا حمل لوعتي

يميناً لقد كلّفتُها مركباً صعبا

فلا تأذنوا نحو الوشاةِ بأننا

سلوناكمُ تبّاً لما زعموا تبَّا

يعوذُ بكم صبٌّ نزحتم بقلبهِ

فكم نزحَ الدمعَ المصونَ وكم صبّا

يجود بهِ سكباً على عرصاتكم

كجود يدي عبد الرحيم انبرى سكبا

إذا ما الأجلُّ السيّدُ الفاضل احتبى

ليوم حباء فاُلقَ ثهلانَ والسُّحبا

وإن شغل الناسَ المكاسبُ لم يكنْ

لهُ غيرُ تحصيل العلى باللّهى كسبا

يفوح إلى العافينَ تُربُ جنابهِ

كأنَّ فتيتَ المسك بات لها خِطبا

مضوا وهمُ أكفاءُ كلِّ فضيلةٍ

كم احتقبوا من مدحةٍ تنهج الحقبا

وما ماتَ منهم سيّدٌ أنتَ عقبهُ

ألا هكذا فليورثِ السيّدُ العقبا

إذا معضلٌ في المُلك أعيا دواؤهُ

غدا حاسماً أسبابهُ حازماً طبّا

هو الشمسُ لم تجنحْ اغربٍ دنيّةٍ

هو السيفُ لم يفللْ لهُ مضربٌ غربا

تحمّلَ عبءَ الملك مضطلعاً بهِ

وفاضَ على العافين كالبحر إذ عبّا

فإما عراهُ قاصدٌ أو معاندٌ

أفادهما رحبَ المكارم والحربا

أخافَ الأعادي ذكرهُ قبلَ شخصهِ

الجميل وإنْ كانوا جحاجحةً غُلبا

تزعزعهم في الأمنِ زعزعُ باسمهِ

وريحُ الرّدى النكباءُ توسعهم نكبا

تخرُّ له غرُّ الجباهِ من العدى

ويا كمْ سنامٍ من معاليهمِ جبّا

هوَ الرّمحُ والسيف الصقيلُ عليهمِ

ينظّمهم طعناً وينثرهم ضربا

جريءٌ متى تندبهُ يوماً لحادثٍ

تجدْ سيّداً ماضي الشّبا يقظاً ندبا

أقام لسانَ العرب بعدَ اعوجاجهِ

أخو كلمٍ يستعبد العُجمَ والعُربا

له قلمٌ مثلُ الحسام ذبابهُ

بأنملهِ كم بذَّ خلقاً وكم ذَبّا

خميسٌ إذا ما الخمسُ حاطت جهاتهِ

وإمّا تمادى خاطباً أفحمَ الخطبا

يُميت ويُحيي كاتباً ومُكتّباً

لداعيه والعادي الكتائبَ والكتبا

لقد بات للباغي نطافُ لعابهِ

عذاباً وللباغي الندى مورداً عذبا

هو العضب والصعبُ المنال فصاحةً

وحُسناً فردهُ تنظرِ العضب والصعبا

بهِ جمعَ الشّملُ المشتّتُ والنّدى

لمرتده عشباً ومعتاده شِعبا

طوى ذكر سحبانٍ فاقبلَ ساحباً

لديهِ ذيولَ العجزِ يستلمُ التُّربا

إذا أسهبتْ يمناه في صبح طرسهِ

رأيت ظلامَ الليل يعتنقُ الشّهبا

سحابٌ همى خصباً وجدباً وقلَّما

رأيتَ سحاباً يُمطر الخصبَ والجدبا

أربّتْ علينا كفّهُ بسماحهِ

وأصبحَ أهلاً للفضائل بل ربّا

هو الواهبُ الحصداءَ والبيضَ والقنا

وحُمرَ الوطايا والمطهّمةَ القبّا

يلومُ على حُبّيهِ من بات جاهلاً

وعنديَ من نُعماه ما يُوجب الحُبّا

نثرتُ عليه نظمَ فكري وإنما

نثرتُ على عليائه لؤلوءاً رطبا

حقيقٌ لمهدي الدرّ إعطاءُ مثلهِ

ومن ينظمُ الحصباءَ يستوجبُ الحصبا