فت الورى فعلام ذا الإجهاد

فُتَّ الوَرى فَعَلامَ ذا الإِجهادُ

وَبِبَعضِ سَعيِكَ تُحرَزُ الآمادُ

قَد فَتَّ في الأَعضادِ هَذا المُرتَقى

وَتَفَتَّتَت مِن دونِهِ الأَكبادُ

في كُلِّ يَومٍ أَنتَ بالِغُ سُؤدُدٍ

لَم تَدرِ كَيفَ طَريقُهُ الأَنجادُ

تَزدادُ مَجداً لَيسَ يُعرَفُ كُلَّما

قالَ الوَرى لَم يَبقَ ما تَزدادُ

وَمَناقِباً مِن دونِها وَبِمِثلِها

تَكبو المُلوكُ وَتُكبَتُ الحُسّادُ

جُمِعَت لِغَلّابِ اليَدَينِ عَلى العُلى

تَعنو لِسَورَةِ عِزِّهِ الأَمجادِ

نَدبٌ إِذا ما هَمَّ أَن يَلقى عِدىً

لَم يَثنِهِ عَدَدٌ وَلا اِستِعدادُ

مِن أُسرَةٍ شوسٍ إِذا سُئِلوا النَدى

جادوا وَإِن صَنَعوا الصَنيعَ أَجادوا

مِن كُلِّ صَعّادٍ إِلى رُتَبِ العُلى

دَرَجاتُهُ أَبَداً ظُبىً وَصِعادُ

وَرّادِ أَحواضِ المَنونِ إِذا طَغَت

وَالدُهمُ مِن عَلَقِ النَجيعِ وِرادُ

فَخَروا بِما شادوا فَمُنذُ بَدا لَهُم

مَجدُ المُظَفَّرِ أَهمَلوا ما شادوا

وَإِذا الفَتى هَبَطَت بِهِ أَفعالُهُ

لَم تُعلِهِ الآباءُ وَالأَجدادُ

كَفَّ العِدى وَكَفى العِداءُ مُؤَيَّدٌ

يَثني الأُلوفَ بِذِكرِهِ الآحادُ

لِجُيوشِهِ مِن رَأيِهِ وَمَضائِهِ

وَإِبائِهِ يَومَ الوَغى أَمدادُ

فَليَيأَسِ الأَعداءُ أَرضاً ذادَهُم

عَنها طِعانٌ صادِقٌ وَجِلادُ

فَعَلى الشَآمِ سُرادِقٌ أَوتادُهُ

بيدُ الظُبى وَلَهُ القُنِيُّ عِمادُ

كادوا الهُدى فَأَدالَ خَوفُكَ مِنهُمُ

حَتّى لَقَد سَكَنوا الكُدا أَو كادوا

كانوا جِبالاً مُثَّلاً وَكَأَنَّهُم

في ذي الزَعازِعِ إِذ عَصَفنَ رَمادُ

قَصُرَت رِماحُ الخَطِّ في أَيديهِمُ

وَنَبَت سُيوفُ الهِندِ وَهيَ حِدادُ

مُذ جاشَ بَحرُكَ وَاِعتَلى آذِيُّهُ

نَضَبَت بِحارُ الإِفكِ فَهيَ ثِمادُ

لَولاكَ ما اِنقَمَعَ النِفاقُ وَلا وَرَت

لِلدينِ مِن بَعدِ الكُبُوِّ زِنادُ

بِكَ عادَ سَيفُ الشِركِ مَفلولَ الشَبا

وَغَدَت قُوى الإِسلامِ وَهيَ شِدادُ

وَمَتى دَهِمتَ الرومَ في أَوطانِهِم

صَبَحَتهُمُ الدَهماءُ وَهيَ نَآدُ

بِحَوامِلِ الآسادِ آسادِ الوَغى

لَم يوهِها التَأويبُ وَالإِسآدُ

وَلَهُم مَتى لا قَوكَ يَومٌ بَعدَهُ

لا تَلتَقي الأَرواحُ وَالأَجسادُ

فَليَحذَروا مَلِكاً تَخَلَّت عَنوَةً

لِسُطاهُ عَن أَجَماتِها الآسادُ

هَل لِلأَراوي مَصحَرٌ مِن بَعدِما

سَمِعَت بِأُسدِ الغابِ كَيفَ تُصادُ

سَيفَ الإِمامِ عَلَوتَ ما لَم يَرقَهُ

أَمَلٌ وَشِئتَ فَلَم يَفُتكَ مُرادُ

وَلَكَ العَزائِمُ لا يُبِلُّ جَريحُها

وَلِغَيرِكَ الإِبراقُ وَالإِرعادُ

ذُلُقاً إِذا نَحَتِ العَدُوَّ فَإِنَّما

بَينَ الحُتوفِ وَبَينَها ميعادُ

سَكَنَت لِصَولَتِكَ الرِياحُ مَهابَةً

وَتَزَعزَعَت مِن خَوفِكَ الأَطوادُ

فَشِمِ السُيوفَ فَطالَما جَرَّدتَها

حَتّى لَقُلنا ما لَها أَغمادُ

وَأَقِم فَقَد قامَت لِبَأسِكَ هَيبَةٌ

لَم يَخلُ مِنها في الأَنامِ فُؤادُ

وَسَرَت هُمومُكَ فَالإِقامَةُ رِحلَةٌ

وَالسِلمُ حَربٌ وَالرُقادُ سُهادُ

فَثَواءُ رَحلِكَ عِصمَةٌ أَنّى ثَوى

أَبَداً وَكَفُّكَ لِلعَدُوِّ جِهادُ

ما أَحرَقَت نيرانُهُم وَشَرارُها

عالٍ فَكَيفَ تَروعُ وَهيَ رَمادُ

رَكِبوا سَبيلَ الغَيِّ حينَ بَدَت لَهُم

وَلَقَد رَأَوا سُبُلَ الرَشادِ فَحادوا

وَعَلى الظِبى إِرشادُ مَن لَم يَثنِهِ

فيما مَضى عَن غَيِّهِ إِرشادُ

حَقَدوا فَمُذ أَسكَنتَ بَينَ ضُلوعِهِم

خَوفَ اِنتِقامِكَ ماتَتِ الأَحقادُ

وَأَراكَ تَغمُرُهُم بِصَفحِكَ بَعدَما

كَثُرَت بِبابِكَ مِنهُمُ القُصّادُ

خافوا الرَدى فَنَحَوا هُماماً عِندَهُ

يُجدي وَيُردي الوَعدُ وَالإيعادُ

وَهَدَتهُمُ النَكَباتُ مِن بَعدِ العَمى

يا طالَما جَرَّ الصَلاحَ فَسادُ

قَطَعوا القِفارَ وَنورُ وَجهِكَ في الدُجى

هادٍ لَهُم وَرَجاءُ قُربِكَ زادُ

أَرهَبتَهُم حَتّى تَحَقَّقَ مَن نَأى

أَن لَيسَ يُنجي مِن سُطاكَ بِعادُ

وَعَفَوتَ حَتّى لَو رَجا غُيّابُهُم

ذا العَفوَ وَدّوا أَنَّهُم شُهّادُ

هَذا اِبنُ جَرّاحٍ أَتاكَ وَهَل لِمَن

أَقصَيتَهُ إِلّا إِلَيكَ عِوادُ

فَأَجِب بِفَضلِكَ مَن دَعاكَ فَلَم يَزَل

لِلعَفوِ عِندَكَ مَبدَأٌ وَمَعادُ

قابِل بِرَأفَتِكَ اِعتِذارَ مُساوِرِ

إِنَّ المَعاذِرَ لِلذُنوبِ حَصادُ

قَد يَكهَمُ العَضبُ الجُرازُ وَحَدُّهُ

ماضٍ وَيَكبو الطِرفُ وَهوَ جَوادُ

يا عُدَّةَ الإِسلامِ مَن ذا يَشتَكي

ظَمَأً وَعِدُّكَ لِلعُفاةِ عَتادُ

كَم قُدتَ في رِبقِ الجَميلِ مَصاعِباً

لِسِواكَ لا تَعنو وَلا تَنقادُ

عاذَت بِحَضرَتِكَ المُلوكُ وَلاذَتِ ال

فُقَراءِ فَاِجتَمَعَت بِها الأَضدادُ

أَضحى مَحَلُّكَ جامِعاً وَمُفَرِّقاً

فَالحَمدُ يُحرَزُ وَالثَراءُ يُبادُ

تَحوي العَلاءَ بِهِ فَتَمنَعُ نَيلَهُ

وَالمالُ ساعَةَ يُستَفادُ يُفادُ

يَفديكَ أَهلُ مَمالِكٍ هَضَباتُها

في جَنبِ ذا المُلكِ الأَشَمِّ وِهادُ

نُعمانُ هَذا العَصرِ أَنتَ وَإِنَّني

في حَيثُ يَنتَسِبُ القَريضُ زِيادُ

لا يَلفِتَنَّكَ عَن ثَنائي لافِتٌ

فَلِكُلِّ قَولٍ ما عَداهُ نَفادُ

وَاِسمَع لِمُحكَمَةِ النِظامِ حُلِيُّها

دُرَرُ الثَنا وَجِلائُها الإِنشادُ

وَاِشفَع بِها تِلكَ القَلائِدَ إِنَّها

مِن خَيرِ ما تُزهى بِهِ الأَجيادُ

وَاِقتَد بِما أَسدَت يَداكَ مَدائِحاً

لَولاكَ لَم يُملَك لَهُنَّ قِيادُ

أَنّى أَمُدُّ يَداً إِلى طَلَبٍ وَلي

مِن جودِ كَفِّكَ طارِفٌ وَتِلادُ

وَاِسعَد بِهِ عاماً سَحائِبُ يُمنِهِ

هُطُلٌ وَكَوكَبُ سَعدِهِ وَقّادُ

لا زالَ عَنّا ظِلُّ مَن أَيّامُنا

مِن حُسنِها في ظِلِّهِ أَعيادُ

وَأَقامَ هَذا المُلكُ أَخضَرَ لائِذاً

بِفِنائِهِ الوُرّادُ وَالرُوّادُ

وَحَيِيتَ لِلأَدَبِ الَّذي أَحيَيتَهُ

فَنَفاقُهُ إِلّا لَدَيكَ كَسادُ