أمقام وصل أم مقام فراق

أَمُقامُ وَصلٍ أَم مَقامُ فِراقِ

فَالقُضبُ بَينَ تَصافُحٍ وَعِناقِ

خَفّاقَةٌ ما بَينَ نَوحِ حَمامَةٍ

هَتَفَت وَدَمعِ غَمامَةٍ مُهراقِ

عَبِثَت بِهِنَّ يَدُ النُعامى سَحرَةً

فَوَضَعنَ أَعناقاً عَلى أَعناقِ

أَكسَبنَني خُلقَ الوَفاءِ وَرُبَّما

أَذكَرنَني بِمَواقِفِ العُشّاقِ

ضَمّاً وَلَثماً وَاِستِطابَةَ نَفحَةٍ

وَخُفوقَ أَحشاءٍ وَفَيضَ مَآقِ

فَلَوَ اِنَّ سَرحَةَ بَطنِ وادٍ بِاللِوى

حَيَّيتُها تُصغي إِلى مُشتاقي

لَنَثَرتُ بِالجَرعاءِ عِقدَ مَدامِعي

فَفَضَضتُ خَتمَ الصَبرِ عَن أَغلاقي

وَأَرَقتُ فَضلَ صُبابَةٍ لِصَبابَةٍ

فَرَقَعتُ ما أَخلَقتُ مِن أَخلاقي

فَإِلَيكِ يا نَفسَ الصَبا فَلَطالَما

أَذكى نَداكَ حَرارَةَ الأَشواقِ

ها إِنَّ بي لَمَماً يُؤَرِّقُ ناظِري

أَلَماً فَهَل مِن نافِثٍ أَو راقِ

سِر وادِعاً لا تَستَطِر قَلباً هَفا

بِجَناحِ شَوقٍ رِشتَهُ خَفّاقِ

وَإِذا طَرَقتَ جَنابَ قُرطُبَةٍ فَقِف

فَكَفاكَ مِن ناسٍ وَمِن آفاقِ

وَاِلثُم يَدَ اِبنِ أَبي الخِصالِ عَنِ العُلى

مُتَشَكِّراً وَاِضمُمهُ ضَمَّ عِناقِ

وَاِفتُق بِناديهِ التَحِيَّةَ زَهرَةً

نَفّاحَةً تُغني عَنِ اِستِنشاقِ

كَالشَمسِ يَومَ الدَجنِ تَندى مُجتَنى

ظِلٍّ وَتَحسُنُ مُجتَلى إِشراقِ

وَاِهزُز بِها مِن مِعطَفَيهِ فَإِنَّما

شَعشَعتَها كَأساً بِيُمنى ساقِ

وَالنورُ يَرقُمُ مِن بِساطِ بَسيطَةٍ

وَالغَيمُ يَنشُرُ مِن جَناحِ رِواقِ

وَسِمِ الحَمامَةِ أَن تُجيبَ تَغَنِّياً

عَن مَنطِقٍ ماضٍ يُلَبّي باقِ

مُتَرَكِّبٍ عَن نَفحَةٍ في لَفحَةٍ

وَكَفاكَ مِن كاسٍ هُناكَ دِهاقِ

وَخِطابِ بِرٍّ نابَ عَنهُ سِفارَةً

إِنَ الخِطابَ عَلى البُعادِ تَلاقِ

تَندى عَلى كَبِدي لَدونَةُ مَنطِقٍ

فَتَفي بِحُرِّ تَرائِبٍ وَتَراقِ

فَهُناكَ أَروَعُ مِلءُ رَوعِ المُجتَلي

يَقظانُ موثَقُ عِقدَةِ الميثاقِ

هَزَجَت بِهِ هَزجَ الحَمامِ مَحامِدٌ

حَمَلَت حُلاهُ مَحمَلَ الأَطواقِ

لَدنُ الحَواشي لَو أَطَلَّ غَمامَةً

لَخَلا مِنَ الإِرعادِ وَالإِبراقِ

شَرُفَت بِهِ فُقَرُ الثَناءِ وَرُبَّما

تَتَشَرَّفُ الأَطواقُ بِالأَعناقِ

جُمَّ العُلى مَسَحَت بِهِ كَفُّ العُلى

عَن حُرِّ وَجهِ مُطَهَّمٍ سَبّاقِ

يُزهى بِأَعلاقِ المَعالي حِليَةً

إِنَّ المَعالي أَنفُسَ الأَعلاقِ

طالَت بِهِ رُمحَ السِماكِ يَراعَةٌ

تَستَضعِفُ الجَوزاءَ شَدَّ نِطاقِ

ماخَطَّ مِن غُرَرِ الحِسانِ وَضاءَةً

حَتّى اِستَمَدَّ لَها مِنَ الأَحداقِ

مُغرىً بِأَغراضٍ تَهولُ بَراعَةً

وَرَفيفِ أَلفاظٍ تَشوقُ رِقاقِ

تَهفو بِهِ طَوراً قُدامى بارِقٍ

فيها وَآوِنَةً جَناحُ بُراقِ

أَقسَمتُ لَو أَخَذَ الهِلالُ كَمالَهُ

عَنهُ لَتَمَّ تَمامَ غَيرِ مَحاقِ

وَكَفاكَ مِن غُصنٍ لِسَطرِ بَلاغَةٍ

مُتَناسِقِ الأَثمارِ وَالأَوراقِ

مُستَبدِعٌ حُسناً فَمِن مَعنىً لَهُ

حُرٍّ وَمِن لَفظٍ رَقيقِ رَواقِ

مُتَوَلِّدٌ عَن خاطِرٍ مُتَوَقِّدٌ

لَهَباً وَطَبعٍ سَلسَلٍ دَفّاقِ

لَو كانَ يُرهَفُ صارِماً لَهَزَزتُهُ

في ماءِ إِفرِندٍ لَهُ رَقراقِ