أجبت منادي الحب من قبل ما دعا

أجبت منادي الحب من قبل ما دعا

فإن شئتما لوماً وإن شئتما دَعا

ليَ الله قلباً صير الوجد شرعةً

وجفناً قريحاً صير الدمعَ مشرعا

كنافة لحظٍ خلفتني من الهنا

قَصِيًّا وفكري للهموم مجمَّعا

وسالف عهدٍ بالعقيق ذكرته

فعاد بدُرّ المدمعين مرصّعا

يخوفني بالسقم لاحٍ وليت من

عنانيَ أبقى فيّ للسقم موضعا

بَليت فلو رامتنيَ العين ما رأت

ولو أنَّ فكري عارض السمع ما وعى

ورُبَّ زمانٍ كان لي فيه مالكٌ

حبيبٌ سعى منه الفراق بما سعى

فلما تفرقنا كأني ومالكي

لطول اجتماع لم نبتْ ليلةً معا

من الغيد لو كان الملاح قصيدة

لكان سنا خدّيه للشمس مطلعا

أدار عليّ الدمع كأساً وطالما

أدارَ عليّ البابليّ المشعشعا

كأن التلاقي كان وفراً تسرعت

أيادي ابن شادٍ فيه حتى تضعضعا

إذا لم يكن للغيث في العام نجعة

فحسبك بالملك المؤيد منجعا

مليك أعاد الشعر سوقاً بدهره

فجئت إلى أبوابه متبضعا

ووالله لولا باعثٌ من مديحه

لأصبح بيتُ الشعر عندي بلقعا

أتَعذَلُ أقلامُ المدائح إن غدت

له سجداً لا للأنام وركّعا

فدت طلعة البدر المنير أبا الفدا

وإن كان أعلى من فداها وأرفعا

ألم ترَ أنا قد سلونا بأرضهِ

مراداً لنا في أرض مصرَ ومرتعا

إذا ابن تقيّ الدِّين جاد نباته

علينا فلا مدّت يدُ النيل أصبُعا

أما والذي أنشى الغمام وكفّه

فجادَ وقد ملَّ السحاب فأقلعا

لقد سُمعت للأوَّلين فضائلٌ

ولكنَّ هذا الفضلَ ما جازَ مسمعا

سحاب كما ترجى السحائب حفَّلاً

وبأسٌ كما تنضى الصواعق لمعا

وعلم ملأنا صحفه من فنونه

فكانت على الأيامِ برداً موشعا

وذكرٌ له في كلِّ قلبٍ محبَّةٌ

على ابن عليّ يعذر المتشيِّعا

له الله ما أزكاه في الملك نبعة

وأعذب في سقيا المكارم منبعا

هو الملك أغنى ماء وجهي وصانهُ

فإن تقصر الأمداح لم يقصر الدّعا

غدت كلّ عامٍ لي إليه وفادةٌ

فيا حبَّذا من أجل لقياه كلّ عا

تطوَّقت تطويقَ الحمامِ بجودِه

فلا عجبٌ لي أن أحوم وأسجعا

قضى الله إلاَّ أن يقومَ لقاصدٍ

بفرض فإن لم يلقَ فرضاً تطوَّعا

حلفت لقد ضاع الثنا عند غيره

ضياعاً وأمَّا عنده فتضوَّعا