تذكر جرعاء الحمى فتجرعا

تذكر جرعاء الحمى فتجرعا

كؤس الأسى بالدمعِ راحاً مشعشعا

وفارق جيران الغضا غير أنه

به أودع القلب الشجيّ وودَّعا

يكرِّر لثم الترب حتَّى كأنه

يحاول ختماً للذي فيه أودعا

فأدمعهُ قد صرنَ ألفاظ شجوه

وألفاظه من رقَّةٍ صرنَ أدمعا

أقولُ وقد راجعت بالشام ذكرهم

ألا قاتلَ الله الحمام المرجعا

يذكرني عهد العقيق كأنه

بلؤلؤِ دمعي صارَ عقداً مرصَّعا

عسى كلّ عام زورة لمفارق

فيا حبَّذا من أجل لمياء كلّ عا

إمام الهدى والعلم هنئت مقصداً

سعيداً وعوداً بالقبولِ ومرجعا

يطوف ويسعى للإمام الذي سعى

وطاف بذيَّاك الحمى وتمتَّعا

تكاد ستور البيت تجذب برده

لعرفان محمود الشمائل أروعا

لعمري لقد سرّ المقام وأهله

بزورة أوفى الزائرين وأورعا

فإن ملأ الإحسان كمّ مجاور

فقد ملأ الحجر المحامد والدعا

وهنئ أفق الشام رجعة نير

مليٍّ بإسعاد الرعيَّة والرعا

تحييه أغصان البلاد كأنما

هوت سجداً نحو الأمام وركَّعا

وتلثم حتى مبسم الغيث في الثرى

بدور لآثار الركائب مطلعا

لك الله ما أتقى وأنقى سريرة

وأرفع قدراً في الأنامِ وأنفعا

وأكرم في الأنساب والفضل جمة

وأشرف في الدنيا وفي الدين موضعا

وأندى يداً لو أورقت عود منبر

لما عجب الرائي وإن قيل أينع

كرامات من مدّت يداً دعواته

ظلالاً إلى أن عمَّت الناس أجمعا

إليك خطيب الشام لابن خطيبها

براعة مدح كانَ برّك أبرعا

مديحك فرض لازم لي فطالما

بدأت فأسديت الجميل تطوّعا