تنبه لما أن رأى شبيه فجرا

تنبه لما أن رأى شبيه فجرا

فنزَّه عن عاداته الشّعر الشّعرا

وأعرض عن أغزاله وغزاله

فلا قامةٌ سمرا ولا وجنةٌ حمرا

ولا مقلةٌ نجلاءُ يحرس لحظها

لَمًى فأقول السيف قد حرس الثغرا

ولا مرشفٌ ماءَ الحياةِ حسبته

ولا نبتُ خدٍّ كنت أحسبه الخضرا

ولا قهوةٌ أستغفر الله تجتلى

ومن عجبٍ أنْ قد حلا منه ما مرا

وكانت كما لا يقتضي العقل غِرَّةً

فحنَّك ذاك الشيب ذاك الفتى الغرا

وذكَّرني فقدَ الأحبة مرجعي

إليهم وترحالي فلم أستطع صبرا

أحبَّاء ساروا قبلنا لمنازلٍ

فيا صاحبي رحلى قفا نبك من ذكرى

كأنَّهمُ لم يركبوا ظهرَ سابح

ولا ركبوا في يوم مكرمةٍ ظهرا

ولا بسطوا يمنى ببذلِ رغيبةٍ

ولا أوجدوا من بعد جائحه يسرا

لنا عبرةٌ فيهم تنبه مقلةً

ولو أرشدت كانت له مقلة غبرا

لقد غرَّت الدُّنيا بخدعة حربها

فما أكثر القتلى وما أرخص الأسرى

حمى الله من عين الزمان وأهله

لنا ملكاً قد أحرز الذكر والأجرا

ترجَّى لدنياه الملوك وإننا

لنرجوه للدنيا ملاذاً وللأخرى

مليكٌ سمت عيناه للنسك والعلى

فكانت قليلاً من دجى الليل ما تكرى

وأعذرَ في هجر التنعم نفسه

وقال للاحيه لعلَّ لها عذرا

على حين أعطاف الشبيبة لدنةٌ

وروضتنا في الملك أو نفسها خضرا

وما زال طهر الفعل حتى تشبهت

فعال رعاياه فكان يرى طهرا

ليهن بني أيوب أن محمداً

بنى لهمُ في كل صالحةٍ ذكرا

وبرّ البرايا عدله ونواله

فلا عدموا من شخصه البرّ والبحرا

وفي الناس من حاز الممالك جنةً

ولكنْ جنان الخلد مملكةٌ أخرى

أيا ملكاً نمسي إذا الدهر مظلم

نراقب من لألاء غرّته الفجرا

بقيت لنا تعلو عن الشعر رتبة

نعم وعلى هامِ السماكين والشعرى

وتذكرنا عهدَ الشهيدِ ودهرَه

سقى الغيثُ عنا ذلك العهد والدهرا