غازلتنا فأعيدي ماضي الغزل

غازلتنا فأعيدِي ماضيَ الغزل

شواهر البيض من مسوّدة المقل

إنا إلى الله تلهينا الأوانس عن

مساجد النسك بالأصداغِ كالقبل

غيد بدت فتولَّى الظبي من حنقٍ

يسعى وأطراف غصن البان من خجل

بأوجهٍ من بني بدرٍ تُناضِلنا

من دونها لحظات من بني ثعل

من كلِّ مسكرة الألحاظ مائسة

يهزُّها الدّلّ هزّ الشارب الثمل

معسولة الثغر إلاَّ أنَّ قامتها

منسوبة القدّ للعسَّالة الذبل

يلذُّ لي هجرها مع بغضها بدلاً

من البُعادِ ومن للعُور بالحوَل

عدمت صبري ولم أظفر بريقتها

فما حصلت على صابٍ ولا عسل

وعاذلي ليسَ يدرِي أن ناظرها

سيفٌ إلى قتلِ مثلي سابق العذل

خالي الحشا إن دعَا فكرِي لشكوتهِ

أجابَ دمعي وما دمعي سوى طلل

يا من تملَّك سكنى القلب معطفها

أعلى الممالك ما يبنى على الأثل

ماذا على العاذل الجهمي منظره

إنَّ الصبابة من كسبي ومن عملي

وما على ظاهريٍّ من محاسنها

إني على الصبرِ فيها أيّ معتزل

لم أنسَ إذ زارني طيف الخيال بها

يخطو ويخطر بين الحلي والحلل

مأمورة الوصل والهجران جائرة

بالرَّدف والعطف بين الريث والعجل

سقياً لعطفٍ على ردفٍ ينوء به

وحبَّذا جبل الريَّان من جبل

وحبَّذا غزلي في الخصرِ قلت لهُ

يا خير منتحل في خير منتحل

وحبَّذا العيش والأيام مسعفةٌ

ومصر دارِي وأحبابي بها خولي

يا بارقاً من نواحِي مصر مبتسماً

بلِّغ تحيَّةَ هامي الدمع منهمل

واذكر إذا هبَّ معتل الصبا جسدِي

فرُبَّما صحَّ الأجساد بالعلل

والملك يصلح عقباها بصالحه

والفضل يقسم من ساداتِها بعلي

ربُّ العطا والنقا إن شمت برقهما

علمت أنَّ عليًّا كيفَ شاء ولي

الباذل الوفر في بدوٍ وفي حضرٍ

والجامع الحمد من سهلٍ ومن جبل

لله كم للعلى بكرٌ محجبةٌ

زفَّت إليه لقد زفَّت إلى رجل

ثبت الجوانب والدنيا مزلزلةٌ

وصائل الرأي والقرضاب لم يصل

والكامل الذات يروي فضل سؤددهِ

عواليَ الفضل عن آبائه الكمل

تجمَّعت فيهِ أقسام الفخار كما

تجمَّعت قسم التفصيل في الجمل

نوال عزٍّ أضافته الصفات إلى

تدبيرِ محتنكٍ في عزم مكتهل

إذا سقى ماله الظمآن أتبعه

جاهاً فيا لك من علٍّ على نهل

في مصر والشام يرجى سحب ذي كرم

بالجودِ مشتهر بالحمدِ مشتمل

مطابق الوصف فوق النجم موضعه

والجود يدنيه قيس الكفّ للأمل

لو قالَ طلت السهى قال الأنام نعم

يا صادق القول والعليا فقل وطل

ما زالَ يعدل حتَّى ما بمصر سوى

من فائض النيل قطَّاع على السبل

ومنشئ اللفظ نبعاً للقلاع فما

يرى كنبعك طلاّعاً على القلل

نعم الفتى أنت في السادات أكبر من

مثل وأسير في الأوصاف من مثل

وأبرع الناس نطقاً ليس محتفلاً

فكيف حين يراعى فكر محتفل

في كفِّه قلمٌ ناهيك من قلم

ومن حسامٍ ومن رزق ومن أجل

معدّل بشهادات العُلى وله

جراح يوم سطا يقذفنَ بالقتَل

حكاه في قطعه حد الحسام وما

حكاه في مقبل الأرزاق متصل

سد يا عليّ فما أبقيت منقبة

يمتاز عنك بها في الأعصر الأول

تحفى بمدحك أقلام مننت على

آمالها وعلى الأسياف في الخلل

يا باسط الجود في سيفٍ وفي قلمٍ

لقد مننت على حافٍ ومنتعل

يا ابن السراة إلى الفاروق نسبتهم

وجمعهم لفخار القول والعمل

البالغين مدى العليا ولو قعدوا

والسابقين ولو ساروا على مهل

من كلّ فاتح أرضٍ غير طائعةٍ

مبارك الفتح أنى سار والقفل

فكل مقترب الأقلام ساجدها

بأشرف اللفظ يحمي أشرف الملل

بلّغتني يا ابن فضل الله مطّلباً

لم أرْجه من بني الدنيا ولم أخل

نلت العلى وكبتّ الحاسدين على

يد اغتنائك لا حيْلي ولا حيَلي

وقد سموت لديوان الرسائل في

طي ادّكارك لا كتبي ولا رسلي

مداً أخوك في مرقاه أوصلني

ولو ترقى إليه النّسر لم يصل

وإن تعذّر معلومي عليه ففي

معلوم جودك أو في مدحه شغلي

إن مدّ قصديَ في الدنيا لغيركُم

يدَ الرجا فرماها الله بالشلل

بلّغتمُ آل فضل الله منزلةً

تحول زهر الدراري وهي لم تحل

يخفّ نظم المعاني في مدائحكم

وفي سواكم فما يخلو من الثقل

ويألف الناس عطفاً من عوارفكم

فما تميل أوانيهم إلى بدَل

أنتم رجائي الذي وحّدت مقصده

في العالمين ولم أعكف على هبل

مالي وما للسرى قصداً لغيركُم

هيهات لا ناقتي فيها ولا جملي

فما لإيضاح لفظي لا يضيء بكم

وقد بذلتم له الأموال بالجمل

فدونكم من ثنائي كل سائرةٍ

مرخى لها في عنان القول بالطوَل

سيّارة في بسيط النظم مسرعة

فيا له من بسيطٍ جاء في رمل

أسعى على درر المعنى بأبحرها

وسعيُ غيريَ في مستفعلن فعل

بقيتمُ يا بني العلياء في نعمٍ

ملء الزمان وفي أمنٍ وفي جذل

تقاسم الناس في أيام سؤددكم

يوماً وليلاً فمن مثنٍ ومبتهل