ليلاي كم ليلة بالشعر ليلاء

ليلايَ كم ليلةٍ بالشعر ليلاء

وليلةٍ قبلها كالثغر غراء

وصلٌ وهجرٌ فمن ظلماء تخرجني

لنور عيش ومن نورٍ لظلماء

ما أنتِ إلا زمانُ العمرِ مذهبةٌ

بالثغر والشعر إصباحي وإمسائي

أفديكِ من زَهرةٍ بالحسن مشرقةٍ

بليتُ من عاذلي فيها بعوَّاء

ويح العذول يرى ليلي ويسمعُ من

لا يسمعُ العذلَ فيها قولَ فحشاء

يا ربَّ طرفٍ ضريرٍ عن محاسنها

وربَّ أذنٍ عن الفحشاء صمَّاء

وربَّ طيفٍ على عذرٍ يؤوبني

بشخص عذراء يجلو كأس عذراء

فبتُّ أرشفُ من فيهِ وقهوتهِ

حِلينِ قد أثملا بالنومِ أعضائي

زورٌ عفيفٌ على عينِ الشجيِّ مشى

فيا لَهُ صالحاً يمشي على الماء

ثم انتبهت وذاتُ الخالِ ساكنة

لم تدر سهدي ولم تشعر بإغفائي

رشيقةٌ ما كأني يومَ فرقتِها

إلا على آلةٍ في القوم حدباء

ميتٌ من الحبِّ إلا أنني بسرى

ذكرِ الصبابةِ حيٌّ بين أحياء

في كل حيّ حديثٌ لي يسلسله

تعديلُ دمعيَ أو تجريحُ أحشائي

قد لوَّع الحبّ قلبي في تلهبهِ

وصرَّحَ الدَّمعُ في ليلي بإشقائي

وزالَ ما زالَ من وصل شفيتُ به

من عارض اليأس لكن بعد إشفائي

أيامَ لي حيث وارتْ صدغها قبلٌ

كأنَّ سرعتها ترجيع فأفاء

تدير عيناً وكأساً لي فلا عجب

إذا جننت بسوداءٍ وصفراء

حتى إذا ضاء شيب الرأس بتّ على

بقية من نواهي النفس بيضاء

مديرةَ الكأس عني أن لي شغلا

عن صفو كأسك من شيبي بإقذاءِ

ما الشيب إلا قذى عين وسخنها

عندي وعند برود الظلم لمياء

عمري لقد قل صفو العيش من بشر

وكيف لا وهو من طين ومن ماء

وإنما لعليّ في الورى نعم

كادت تعيد لهم شرخ الصبى النائي

وراحةٌ حوَت العليا بما شملت

أبناء آدم بالنعمى وحوّاء

قاضي القضاة إذا أعيا الورى فطناً

حسيرة العين دون الباء والتاء

والمعتلي رتباً لم يفتخر بسوى

أقدامه الراءُ قبل التاء والباء

والثاقب الفكر في غرّاء ينصبها

لكل طالب نعمى نصبَ إغراء

لطالب الجود شغل من فتوّته

وطالبِ العلم أشغال بإفتاء

لو مس تهذيبهُ أو رِفقه حجراً

مسته في حالتيهِ ألفُ سرّاء

من بيت فضل صحيح الوزن قد رجحت

به مفاخرُ آباءٍ وأبناءِ

قامت لنصرة خير الأنبياء ظبا

أنصاره واستعاضوا خير أنباء

أهل الصريجين من نطق ومن كرمٍ

آل الريحين من نصرٍ وأنواء

المعربون بألفاظٍ ولحن ظبا

ناهيك من عربٍ في الخلق عرباء

مفرغين جفوناً في صباح وغى

ومالئين جفاناً عند إمساء

مضوا وضاءَت بنوهم بعدهم شهباً

تمحى بنور سناها كلّ ظلماء

فمن هلالٍ ومن نجمٍ ومن قمرٍ

في أفق عزٍّ وتمجيدٍ وعلياء

حتى تجلى تقيّ الدين صبح هدًى

يملي وإملاؤه من فكره الرَّائي

يجلو الدّياجيَ مستجلى سناه فلا

نعدم زمان جليّ الفضل جلاّء

أغرّ يسقي بيمناه وطلعته

صوب الحيا عام سرَّاء وضرَّاء

لو لم يجدنا برفدٍ جادنا بدُعاً

معدٍ على سنوات المحل دعاء

ذو العِلم كالعلم المنشور تتبعه

بنو قرًى تترجاه وإقراء

فالشافعيّ لو استجلى صحائفه

فدى بأمَّين فحواها وآباء

وبات منقبضاً ربّ البسيط بها

ومات في جلده من بعد إحياء

يقرّ بالرّقّ من ملك ومن صحفٍ

لمن يجلّ به قدر الأرقاء

لمن بكفيه إما طوق عارضةٍ

للأولياء وإما غلّ أعداء

لا عيبَ فيه سوى تعجيلِ أنعمهِ

فما يلذّ برجوى بعد إرجاء

يلقاك بالبشر تلوَ البرّ مبتسماً

كالبرق تلوَ هتونِ المزن وطفاء

أن أقطع الليل في مدحي له فلقد

حمدت عند صباح البشر إسرائي

لبست نعماهُ مثلَ الروض مزهرةً

بفائضاتِ يدٍ كالغيثِ زهراء

وكيف لا ألبس النعمى مشهرةً

والغيث في جانبيها أيّ وشاء

وكيف لا أورد الأمداحَ تحسبها

في الصحف غانية من بين غناء

يا جائداً رام أن تخفى له مننٌ

هيهات ما المسك مطويّ بإخفاء

ولا نسيم ثنائي بالخفيّ وقد

رويته بالعطايا أي إرواء

خذها إليك جديدات الثنا حللاً

صنع السريّ ولكن غير رفاء

وعش كما شئت مهما شئت ممتدحاً

تثنى بخير لآلٍ خير آلاء

منك استفدت بليغَ اللفظِ أنظمه

نظماً يهيم ألباب الألباء

أعدت منهُ شذوراً لست أحبسها

عن مسمعيك وليس الحبس من راء