نعاه للفضل والعلياء والنسب

نعاهُ للفضلِ والعلياءِ والنسب

ناعيه للأرضِ والأفلاكِ والشهب

ندباً وشرعاً وجوب الحزن حين مضى

فأيّ حزن وقلب فيه لم يجب

نعم إلى الأرض ينعى والسماءِ على

فقيدكم يا سراةَ المجدِ والحسب

بالعلم والعمل المبرورِ قد ملئت

أرضٌ بكم وسماءٌ عن أبٍ فأب

مقدمٌ ذكرُ ماضيكم ووارثه

في الوقت تقديمَ بسمِ الله في الكتب

آهاً لمجتهدٍ في العلم يندُبه

من باتَ مجتهداً في الحزن والحرَب

بينا وفود الندى منهلة منناً

إذ نازلتنا الليالي فيه عن كثب

وأقبلت نوَبُ الأيامِ ثائرةً

إذ كان عوْناً على الأيامِ والنوَب

ففاجأتنا يدُ التفريقِ مسفرةً

عن سفرةٍ طال فيها شجوُ مرتقب

وجاءَنا عن إمامٍ مبتدأ خبرٍ

لكن به السمعُ منصوبٌ على النُصب

قالت دمشقُ بدمع النهرِ وأخبراً

فزعت فيه بآمالي إلى الكذِب

حتى إذا لم يدَعْ لي صدقهُ أملاً

شرقتُ بالدمع حتى كادَ يشرق بي

وكلمتنا سيوفُ الكتب قائلةً

ما السيفُ أصدقُ أنباءَ من الكتب

وقال موتُ فتى الأنصارِ مغتبطاً

الله أكبرُ كلّ الحسنِ في العرَب

لقد طوى الموتُ من ذاكَ الفرندِ حلى

كانت حلى الدّين والأحكام والرتب

وخصّ مغنى دمشق الحزنُ متصلاً

بفرقتين أباتتها على وصَب

كادت رياحُ الأسى والحزنِ تعكسها

حتى الغصون بها معكوسة العذب

والجامع الرَّحب أضحى صدرُهُ حرِجاً

والنسر ضمَّ جناحيه من الرّهب

وللمدارس همٌّ كاد يدرسها

لولا تدارك أبناءٍ له نُجب

من للهدى والندى لولا بنوه ومن

للفضل يسحب أذيالاً على السحب

من للفتوَّةِ والفتوى مجانسة

في الصيغتين وفي الآداب والأدب

منْ للتواضعِ حيث القدر في صعدٍ

على النجومِ وحيث العلم في صبب

منْ للتصانيفِ فيها زينةٌ وهدىً

ورجم باغٍ فيا لله من شهب

أمضى من النصلِ في نصرِ الهدَى فإذا

سلَّت نِصال العِدَى أوقى من اليلب

ذو همَّةٍ في العُلى والعلمِ قد بلغتْ

فوق السماك وما تنفكُّ في دَأَب

حتَّى رأى العلم شفع الشافعيّ بهِ

وقالَ مِنْ ذا وذا أدركتُ مطلبي

من للتهجُّد أو من للدُّعَا بسطت

به وبالجودِ فينا راحتا تعب

من للمدائحِ فيه قد حلَت وصفَت

كأنَّما افترَّ منها الطرسُ عن شنب

لهفي لنظَّامِ مدحٍ فكرُ أجمهعم

بالهمِّ لا بالذَّكا أمسى أبا لهب

كأنَّ أيديهمو تبت أسىً فغدت

من عيِّ أقلامِها حمَّالةَ الحطب

لهفي على الطهر في عرْضٍ وفي سمةٍ

وفي لسانٍ وفي حكمٍ وفي غضب

محجبٌ غير ممنوعِ الندَى بسنَا

عليائِه ومهيب غير محتجب

أضحى لسبكِ فخارٍ من محاسنه

على العراق فخار غير منتقب

آهاً لمرتحلٍ عنا وأنعمهُ

مثل الحقائبِ للمثنين والحقب

إيمان حبٍّ إلى الأوطانِ حرَّكهُ

حتَّى قضى نحبه يا طول منتحب

لهفي لكلِّ وقورٍ من بنيه بكى

وهو الصواب بصوب الواكِف السرب

وكلُّ باديةٍ في الحجب قلنَ لها

يا أختَ خير أخٍ يا بنتَ خير أب

إلى الحسين انتهى مسرى عليّ فلا

هنأت يا خارجيّ الهمّ بالغلب

بعدَ الإمام عليٍّ لا ولاءَ لنا

من الزَّمان ولا قربَى من النسب

يا ثاوياً والثَّنى والحمدُ ينشرهُ

بقيتَ أنتَ وأفنتْنا يدُ الكرب

نمْ في مقامِ نعيمٍ غيرِ منقطعٍ

ونحنُ في نارِ حزنٍ غير متَّئِب

من لي بمصر التي ضمَّتكَ تجمعنَا

ولو بطون الثَّرى فيها فيا طربي

ما أعجبَ الحال لي قلبٌ بمصرَ وفي

دمشقَ جسمِي ودمعُ العينِ في حلب

بالرُّغم منَّا مراثٍ بعد مدحك لا

تُسلَى ونحنُ مع الأيَّامِ في صخب

ما بينَ أكبادنا والهمّ فاصلةٌ

كلاَّ ولا لِصَنيعِ الشعرِ من سبب

أمَّا القريضُ فلولا نسلكُم كسدتْ

أسواقهُ وغدتْ مقطوعةَ الجلب

قاضي القضاةِ عزاءً عن إمام تقى

بالفضلِ أوصى وصايا المرءِ بالعَقب

فأنتَ في رتب العليا وما وسعت

بحرٌ تحدَّث عنه البحر بالعجب

ما غابَ عنَّا سرَى شخص لوالدِه

وعلمهُ والتُّقى والجود لم يغب

جادتْ ثراكَ أبا الحكَّام سحبُ حياً

تخطو بذيلٍ على مثواك منسحب

وسارَ نحوكَ منَّا كلُّ شارقةٍ

سلام كلُّ شجيّ القلب مكتئب

تحيةُ الله نهدِيها وتتْبعها

فبعدَ بُعدِكِ ما في العيشِ من أرب

وخفِّف الحزن إنَّا لاحقون بمن

مضَى فأمضَى شَبَاة الحادث الأشِب

إن لم يسرْ نحوَنا سِرنا إليهِ على

أيَّامنا والليالي الذَّهب والشهب

إنَّا من التُّربِ أشباح مخلقة

فلا عجيبٌ مآل التُّربِ للتُّرب