خليلي اتركا ما تعدلاني

خليليّ اتركا ما تعدُلاني

عليه وانظُرا ظبياً سَباني

فإني مستهامٌ ذو اكتئاب

حليفُ الحزنِ مسلوب الأماني

برى جسمي ومالي منه روحٌ

به ربي تعالى قد حَباني

فرحي من شقائي في مكانٍ

وجسمي مثل روحي في مكانِ

ولما زادَ ما بي من هواهُ

وألبسَ مهجتي ثوبَ الهوانِ

وكدتُ أذوبُ من وجدي عليه

ويرحمُني لذلك من رآني

ويرثي لي العدوّ بظهر غيبٍ

رجعتُ الى الذي قِدْماً بَراني

وأكثرتُ الدعاءَ عسى بفضلٍ

ومنّ منه يصلحُ كلُّ شان

ويلهمُني رشادي فهو ربُّ

رؤوفٌ بالبريّة ذو امتنانِ

وقلتُ لرفقتي هل لي سلوٌّ

عن الحاظٍ عمْراً دهاني

فقالوا بالأجلّ الحبرِ تسلو

وصدرٍ ما له في العصر ثاني

إمامٌ حافظٌ علمٌ فقيهٌ

نبيهٌ ساد في كلِّ المعاني

له ذِكْرٌ علا فوق الثريا

وجاهٌ من ذوي الحاجاتِ داني

وجودٌ بالذي ملكَتْ يداهُ

لعافٍ قد أتاه وفكّ عانِ

وفي الآدابِ قد أضحى وحيداً

وفي علمِ الحديثِ فلا يُداني

وإن ألقى الدروس فلا يجارَى

فدعْ ذكرى فلانٍ أو فلانِ

يفسّرُ ما يقولُ بلا اكتراثٍ

بأفصح ما يكون من البيان

فمَنْ قسّ ومن سحبانُ أيضاً

متى ذكروه في نُطْقِ اللسانِ

ومن عَمرو بن بحرٍ أو سواهُ

لديه في التصانيفِ الحِسان

وفي نظمِ القريضِ فمَنْ حبيبٌ

وبشارُ بنُ بردٍ وابنُ هاني

ومَن قرأ العلوم عليه أضحى

كنتَسِبٍ الى عبدِ المَدانِ

لفضلٍ قد حكاهُ وصار فيه

سريع الردّ عند الامتحان

ومن والاه أُلْبسَ ثوبَ عز

وصار من الحوادث في أمان

ومن عاداهُ ذلّ بلا ارتيابٍ

وصار حليفَ خوفٍ وامتهانِ

فلا زال العلاءُ له قريناً

قريباً منه في كل الأوانِ

ويبقى ملجأً للناس طرّاً

وكهفاً للأقاصي والأداني

وعاش مهنّأً في كل عيدٍ

على رغم العدى طول الزمانِ