فهمت على البارق الممطر

فهمتُ على البارقِ المُمْطرِ

حديثاً ببالك لم يخطُرِ

تقولُ سهرتُ فأجْرِ الدموعَ

وإلا فإنك لم تسهرِ

وأنت ترى رعدَه صاهلاً

فيطمع في طرفِه الأشقَرِ

تبسّم إذ قال ألمِمْ بهمْ

وقطّبَ إذ قال عنهم طُرِ

رمى بالمشقَّر جُلّ الغَمامِ

وقد جلّ عن متنهِ الأشقرِ

وأحسنَ بالرفعِ رفعَ الحديثِ

وإظهارَهُ للجوى المُضْمَرِ

فماذا تقولُ وعرْفُ الرياضِ

على جمرهِ فاحَ كالعَنْبرِ

تميسُ الغصونُ بأثمارِها

ولا مثل ذا الغُصُنِ المُثْمرِ

فيا عبلةَ الساقِ لا أشتكي

إليكِ سوى وجْدي العنتري

وأزهرَ مُنسبُ حبّي له

يؤكده أنّني الأزهري

أعان الغزالةَ فيه الغزالُ

فمن ناظرينَ ومن منظَرِ

وجدّد لي ثغرُهُ خبرةً

وقد طالَ عهدي بالجوهَرِ

وحصّنتُ عنه دَراءَ السنينَ

فثارَ عليّ من الأشهرِ

وكنتُ صبوتُ زمانَ الصِبا

بحيث الغدائرُ لم تغْدُرِ

وكم راقَ طرفي من رائعٍ

يقول وقد غرّني غَرري

فأصبح من رسمِه واسمِه

على أثرِ قطُّ لم يُؤثَرِ

وقد كنت أجني ثمارَ الوصالِ

بغُصْنِ شبيبتي الأخضرِ

فأما وقد عطِشتْ لُمّتي

وسالَ فلم يروِها مِحجَري

فأهلاً بناهيةٍ للنُهى

تقول وما أقصرَتْ أقصِرِ

علمتُ وقد طلعَتْ كوكباً

بما بعد من صُبحهِ المسفرِ

وقالت غدائري الغادرا

تُ أيُّ الأخلاءِ لم يَغدُرِ

حلفتُ بها مشعرات الذرى

ببطحاءِ مكةَ فالمَشْعرِ

لئن لزّنى الدهرُ في حلبةٍ

غريتُ بأحمرِها أحمري

لما أطلقتني يمينُ الغلاءِ

هنالك من عقدةِ الخُنصُرِ

ولا كل فعلينِ قد صُرِّفا

سواءً سواءً على المصْدرِ

وقد يصحَبُ المرءُ من دونه

وخُذْ ذاك عن عينَيْ الأعورِ

وفي البرجِ يقترنُ الكوكبانِ

وما زحلٌ ثمّ كالمُشْتري

إذا ذُكِر الأشرفُ المرتجى

فدعْ من سواهُ ولا تذكُرِ

فليس التشابهُ في منظرٍ

دليلَ التشابهِ في مخْبرِ

وكم من يقولُ ليَ المأثرا

تُ إن لم تؤثّر ولم تُؤثِرِ

فإن عصرتهُ يدُ الامتحانِ

أحال محالاً على العنصرِ

عليك تثنّت غصونُ الثناء

فجنّتُه منك في كوثر

وكلتا يديك هما الغايتان

على المُفتري أو على المُقْترِ

ومهما جلستَ لفصلِ القضاءِ

شفيتَ السقيم وصنتَ البَري

وقارٌ تخفّ له الراسياتُ

وتسكنُ خافقةُ الصرصرِ

وفصلُ خطابٍ لوَتْ جيدَها

الى درِّه لُبّةُ المنبر

ومعرفةٌ جُردَتْ لفظَها

حساماً على عُنُقِ المُنْكِرِ

وأمناً يرى الظبيُ في ظلّه

ومكنِسُه غابة القسورِ

تميسُ بذكرِك أعطافُنا

فتهتزّ عن نشوةِ المُسْكِرِ

ويكثرُ باسمِك أقسامُنا

فنُخبِرُ عن سَهميَ المُيْسِرِ

جريتَ على منهجِ الأغلبينَ

الى مضرِ مبعثِ المَفخَرِ

وقالت يمينُك فيّ انظموا

فقلتُ وفي الناظمينَ انثري

وحققتَ في اسم تميمَ التمامِ

فمن يَرْو عنها بها يُخبرِ

وأحجيةٌ فيك حبّرتُها

ولو لم يكنْ فيك لم تُحبَرِ

إذا الحسَنُ الندب سنّ الندى

جعلنا نحدّثُ عن جعفرِ

ولي حاجةٌ في ضميرِ العُلا

وأنت أبو سرّها المُضْمَرِ

ألجْلِجُ عنها ولي عبرةٌ

يقول الحياءُ لها عبّري

وكم عبرةٍ جدَعَتْ أنفَها

يمينُ الجلالِ فلم ينكِرِ

دعوتُك فاحضَرْ فليس الجميعُ

إذا غِبْتَ لا غبتَ كالحُضَّرِ

وقد جمع الله فيك الأنام

وليس عليه بمُسْتَنكَرِ

وكم هزّ بالشعرِ من نائمٍ

إذا هُزَّ بالسيفِ لم يشعُرِ

ولي أن أوفّي حقّ الثناءِ

بفكرٍ أجادَ ولم يفْكُرِ

فأغراضُه عذبةُ المجتنى

وألفاظُهُ رطبةُ المكسِرِ

يقول إذا ما أتى مُنشِداً

أتاني حبيبٌ مع البُحْتري