قف بقفراء يباب

قِفْ بقَفْراءَ يبابِ

بأبابات إيابِ

دمنةٌ أقوَتْ فأضحتْ

مثلَ أثارِ الخِضابِ

قفْ بها إن كنتَ صبّاً

مُستهاماً ذا اكتِئابِ

وابْكِ فيها بدموعٍ

مثلُها دمعُ السّحابِ

هل عرفتَ الدارَ قفراً

تتراءى كالسّرابِ

لبسَتْ ثوبَ نحولٍ

بعد أعرابٍ عِرابِ

بعد جُمْلٍ وسُعادٍ

وسُليمى ورَبابِ

إن جملاً وسعاداً

عرّضاني للعِتاب

تركا قلبي كئيباً

ودموعي كالرّبابِ

بعد أن أقبل شيبي

ومضى شرخُ شبابي

هنّ كالشّمس وجوهاً

وخدوداً كالشّرابِ

وثغوراً مصلَ سِلْكِ الد

رِّ من تحت الرُّضابِ

مشرقاتٍ حبّذاها

تحتَ أرياقٍ عِذابِ

عذُبَتْ ليستْ بملحٍ

فهْيَ كالشُّهْدِ المُذابِ

وبأجيادٍ كأجيا

دِ ظباءٍ في شِعابِ

وبرمّان صدورٍ

تركَتْني في عذابِ

وخُصورٍ نحُفَتْ من

فوق أعجازٍ روابي

فتفرّقْنا جميعاً

بعد ذاك الإصطحابِ

ربَّ أيامٍ شربنا

خمرةً مثلَ الشِّهابِ

قهوةً تذهبُ بالحِقْ

دِ لَعمْري والضِّبابِ

في رياضٍ معجِباتٍ

رقْمِ أنداءِ السَّحابِ

فترى الزّهْرَ إذا اهتزّ

كموجٍ في انصِبابِ

من شقيقٍ ذي احمرارٍ

كدماءٍ في قِعابِ

إلي ذلك يصبو

كلّ وقتٍ كلُّ صابِ

ولقد سِرْتُ بأرضٍ

مهمَهٍ ذاتِ هِضابِ

وقلاعٍ وتلالٍ

وفِجاجٍ ورَوابي

ورئالٍ وظِباءٍ

ولُيوث وذئابِ

سِرْتُها فوق جوادٍ

أسحمٍ مثلِ الغُرابِ

مُنطوي الأحشاءِ طيّاً

مثلُه طيُّ الكِتاب

فهو كالأجْدَل في الحُكْ

مِ إذاً في الانتِصابِ

وتراهُ حينَ يهوي

مثلَ نسرٍ أو عُقابِ

أو كلمحِ البرقِ سيراً

أو يُرى مثلَ الشِّهابِ

سار والليلُ على الأرْ

ضِ صِباغاً كالخِضابِ

أو مدادٍ حالكِ اللوْ

نِ على الصُمِّ الصِّلابِ

فبدا الصبحُ وقد كا

ن غدا تحت حِجابِ

مثلَ وجهِ الحافظِ الحب

رِ المُرجّى للصِّعابِ

مَنْ له الحكمةَ حقّاً

وله فصْلُ الخِطابِ

مادحوه الآن أضحَوْا

عدداً مثلَ التُرابِ

قُسِمَ العالَمُ نصفَيْ

نِ بتقسيمِ الصّوابِ

فالمُوالي في نعيمٍ

والمُعادي في عذابِ

مجدُه للشُهْبِ أضحى

منْ عُلوٍّ كالشِّهابِ

وعطاياهُ كمثلِ الد

رِّ سِلكاً في الرِّقابِ

فأعاديه

وهْوَ من فوقِ الرَّبابِ