تظلّم شِعري إلى القاسمِ

تظلَّمَ شِعري إلى القاسمِ

فأعْدَى على الزمنِ الغاشمِ

تطوَّلَ حتى توهمتُهُ

يُطاولُ بدْرَ بني هاشمِ

ونوَّلَ حتى لقد خِلُتهُ

يُساجلُ فيِّ أبا القاسمِ

فتىً نال عافُوهُ مَرْضاتَهُمْ

فجلَّ على مَرْغمِ الراغمِ

نُطيفُ ببَحْرٍ لهُ زاخرٍ

ونأوي إلى جبلٍ عاصمِ

بناهُ الإله لنا مَعْقِلاً

بناءَ المُخلِّدِ لا الهادمِ

هو الدهرُ مُصْغٍ إلى سائلٍ

وليسَ بِمُصْغٍ إلى لائمِ

تظلُّ يداه يديْ غارمٍ

وبَهْجَتُةُ بهجةَ الغانمِ

وما غارمٌ حَصَّلَتْ كفُّهُ

له الحمدَ والأجرَ بالغارمِ

وما تستفيقُ يدا قاسمٍ

كأنَّ يديْهِ يدا عائمِ

يحاذر إن وَنَتَا طَرْفةً

حذارَ امرئٍ حازمٍ عازمِ

ويرهب أحدوثةَ الباخلي

نَ في أزمةِ الزَمنِ الآزمِ

ومَنْ كفَّ مِنْ زَمن عارمٍ

تسلَّمَ مِنْ زمَنٍ عارمِ

وليستْ بسيِّدِنا خَلَّةٌ

تُخَوِّفُهُ العَذْمَ من عاذمِ

لقد نَصَّهُ اللَّهُ في مَنْصبٍ

سليمٍ من الذامِ والذائمِ

فلا عيبَ فيه سوى نائلٍ

يراهُ المُنَوِّلُ كالحالمِ

يظلُّ يرى حقَّهُ باطلاً

أطافَ خيالاً على نائمِ

فلا انْفَكَّ تالِفَ أموالهِ

وقاءً على عِرْضِهِ السالمِ

ولا زال غيثاً على سائلٍ

مُحِقٍّ وغيظاً على ناقمِ

فما تاجرٌ باعَهُ حَمْدَهُ

بِمُحتقبٍ حَسْرَةَ النادمِ

وإني وقدْ آب لا خائباً

ولا حاملاً ثقَلَ الآثمِ

فلا يتوهَّمْ أخو شُبْهةٍ

فلمْ يَبْقَ وهْمٌ على واهمِ

عجبتُ لمَنْ حَزْمُهُ حزمُهُ

تكونُ يداه يدَيْ حاتمِ

عجبْتُ لمن جودُهُ جودُهُ

تكونُ له عُقدةُ الحارمِ

عجبتُ لِمَنْ حِلمُهُ حلمُهُ

تكونُ له صَوْلةُ الصّارمِ

عجبتُ لمن حَدُّهُ حَدُّهُ

تكونُ له رأفَةُ الراحمِ

أرى كلَّ ضِدٍّ إلى ضِدِّهِ

من الخير في طبعه السالمِ

إليكمْ جُفاةَ العلى إنَّني

دُفعْتُ إلى مُفضلٍ عالمِ

يُضيء بيوم لهُ شامسٍ

ويسقي بيومٍ له غائمِ

يقولُ فيروِي صدَى جاهلٍ

ويُعطي فيروي صدى حائمِ

قراني قِرَى غيرَ ما عاتم

وليس قِرَى السَّمحِ بالعاتمِ

قراني لُهىً وقراني نُهىً

فلستُ لرِفدَيْنِ بالعادمِ

فما لمديحيَ من خاتمٍ

وما لعطاياه من خاتمِ

فتىً لا يُذَمُّ بجودِ المُضِي

عِ كلّا ولا بخَلِ النادمِ

ألا أجرِ مدحكَ في قاسم

فما لحروفِكَ من جازمِ

أمُسْتَكْتِمِي قاسمٌ عُرْفَهُ

أَبَيْتُ على المُحْسِنِ الظالمِ

كريمٌ أسرَّ إليَّ الغِنى

وما أنا للْعُرْفِ بالكاتمِ

وهَبْني كتَمْتُ أتخفى له

بروقُ نداه على الشائمِ

ووسْمُ اليسارِ عل موسرٍ

وسِيما النعيمِ على ناعمِ

أقاسِمُ يا قاسمَ المُنْفسا

تِ لا زلتَ في جَذلٍ دائمِ

مدحتك مدحةَ لا باخسٍ

ثناءَكَ حقَّاً ولا زاعمِ

فساجلتُ شيْخَ بني تَغلبٍ

وساجلتُ شيخَ بني دارمِ

أُجَهِّزُ فيك جميلَ الثنا

إلى حافظٍ وإلى راقمِ

وحسبي معانيكَ من جَوْهرٍ

وحسبُكَ عبْدُكَ مِنْ ناظمِ

ولم أر مثلكَ مِنْ سيِّدٍ

وكم لك مِثْليَ من خادمِ

فلا زلتَ غيثاً على سائلٍ

ولا زلتَ غيظاً على راغمِ

وإن كنتَ أعقبتني جفوةً

وما أنا والله بالجارمِ

وراعيتَ غيري وأغفلتني

خلافاً لميزانِكَ القائمِ

وليستْ بحاليَ من مُسْكةٍ

وإن جَمْجَمَتْ سكتةُ الكاظمِ

أبى ذاك أنَّكُمُ مَعْشَرٌ

مناعيشُ للرازحِ الرازمِ

وأنْ ليس للداءِ داءِ الفقي

رِ غيرُكُمُ الدهرَ من حاسمِ

ومن تُسْلِموهُ لأيّامِهِ

ففي شظفٍ لازبٍ لازمِ

أمِنْ بَعْدِ منزلة المُطْعِمي

نَ أعْدِمْتُ منزلةَ الطاعمِ

أمِنْ بَعْدِ منعي حريمَ المَضِي

مِ أسلمتموني إلى الضائمِ

فلانتْ قناتيَ للغامزي

نَ وارْفَتَّ عُوديَ للعاجمِ

أَلَمْ أك في أُفقٍ مُسْفِرٍ

فماليَ في أُفقٍ قاتمِ

ألمْ أكُ جذلان في ظلكم

فماليَ في مَقعَد الواجمِ

إلى عدلكَ المُشْتَكَى كُلُّهُ

فحَسْبي بعدْلِكَ من حاكمِ

وإني لأظلمُ إذْ أشتكي

وعدلُكَ كالكوكبِ الناجمِ