ما على الأحرار من رق إذا

ما على الأحرار من رِقٍّ إذا

نَقَدوا شكرهم مَوْلى أيادِي

إنَّما الرقُّ سِخابٌ لامرىء

لبس النعماء والكفرانُ بادي

وكذا رقٌّ الأيادي لازم

جِيدَ من أنكره حتى التنادي

والمقرُّونَ به قد خلعوا

طوْقَه عنهم بحكم غيْرِ عادي

إنما النُّعْمَى صِفادٌ فإذا

لَقِيت شكراً فليست بصِفادِ

ولقد كافأ بالنعمى امْرُؤٌ

كافأ النعمى بإخلاص الودادِ

إن يكن نُوِّلَ نيْلاً من يد

فلقد نَوَّلَ نيْلاً من فؤادِ

فاغدُ في أمنٍ من الرقِّ ومن

سطوة الدهر وذل الإضطهادِ

قد أوى جار الذي جاورته

خير مأْوى ورعى في خير وادِ

العلاءُ المبتَني شُمَّ العُلا

مُنْجِد المنجود طَلّاع النِّجادِ

يَمَّمَتْ همتُه قصوى المَدى

فجرى جَرْيَ جواد لجوادِ

تَجدُ المُتلَفَ من أمواله

واقعاً منه وقوع المستفادِ

فهو لا يفترُ من سَحِّ الندى

ببنانٍ سَبِطاتٍ لا جِعادِ

غيرُ لاهٍ باللُّهى بل عالماً

أنّ بذل العُرف من خير عتادِ

مستزيداً في مَعَالٍ جمَّة

ليس فيها لامرئٍ من مستزادِ

لا ترى استطراف علْقٍ طارفٍ

شيمةً منه ولا إلْفَ تلادِ

كُلُّ ذخْرٍ لمَعاشٍ عنده

مُقْتَنىً من فضل زادٍ لمعادِ

بذل الدنيا بكفٍّ سمحةٍ

مثلُها ضُمِّن أرزاق العبادِ

وتولّاها بعقلٍ راجحٍ

مثله قُلِّد إصلاحَ البلادِ

سالكاً في كل فَجٍّ وْحدَه

حين لا يُوحشه طولُ انفرادِ

غانياً عن كل إرشادٍ بما

فيه من فضل رشاد وسدادِ

وكذاك البدر يسري في الدجى

وله من نفسه نورٌ وهادي

لم يُكانفْهُ على الأمر امرؤ

إنه أوْحَدُ من قوْمٍ وحادِ

حسْبه من كلِّ رأي رأيه

مُستشاراً في الملمَّات الشِّدادِ

أصبح الناس سواداً حالكاً

وهُوَ الغُرَّةُ في ذاك السوادِ

فليعش ما بقيت آثاره

وهي أبقى من شروى ونضاد