ومن العجائب يا أبا الفياض

ومن العجائب يا أبا الفياضِ

تبديلُك الإقبالَ بالإعراضِ

أعزِزْ عليَّ بَما رأيتَ فإنه

مرضٌ بُليتَ به من الأمراض

ما إن أسيتُ لأن ظلمك هاضني

لكن أسيتُ لرأيكَ المنْهاض

يا من صِناعتُه الدعاءُ إلى العُلا

ناقضتَ في فعلَيْك أيّ نِقاض

أمِنَ العُلا تركُ الوفاءِ لصاحبٍ

لم تَقْضِه النكْراءَ عن إقراض

عجباً لحَضَّاض الكرام على الذي

هو فيه مُحتاجٌ إلى حَضَّاض

وصفَ المكارم وهو فيها زاهدٌ

ورأى الجميلَ وفيه عنه تَغَاضي

لم ألقَ كالشعراءِ أكثر حارِضاً

وأشدَّ معْتبةً على الحُرَّاض

كم فيهمُ من آمرٍ برشيدةٍ

لم يأْتِها ومُرَغِّبٍ رفَّاض

يا حَسْرتا لمودَّةٍ أدبيةٍ

لم نفترق عنها افتراقَ تراضي

ليس العتابُ بنافعٍ في قاطعٍ

أعيا المشيبُ تتابعَ المقراض

الآن أيقنَ بعد غَدْرِكَ رائدي

أنّ البروقَ كواذبُ الإيماض

خذْ من حِبالك ما نكثتَ مُصاحِباً

يا صاحبَ الإنكاثِ والإنقاض

فيما أفاد بك الزمانُ من النُهى

عِوضٌ وفاءٌ منك للمُعتاض

والودُّ حقٌ ما رأيتُ أداءَهُ

مُتَيَسِّراً لمطالبٍ بتقاضي

جَمَحَ الغِنى بك جَمْحةً مذْكورَةً

فادفع أعنَّتَهُ إلى الرُّواض

وا سَوْأَتا إن ضاقَ ذَرْعُك بالغنى

عِند ادِّراع قميصه الفضْفاض

رتَّبْتَ قدْرَك دونَ ما مُلِّكتَه

لا ظُلمَ أنت عليه أعدل قاضي

ما سُخْطُنا لك خُطةً مُسْخُوطةً

تُضحي وأنت بها لنفسك راضي

أإن اجتنيتَ جنَى الكرام لقيتَني

بتجهُّمِ البيضاءِ نبْذَ بياض

يا جانيَ الثمر اللذيذ مذاقةً

ما لي أراك كآكل الحمّاض

لا تُزهَيَنَّ بما مَلكتَ فلم تكن

من قَبْلها حَرَضاً من الأحراض

قدْ كان قبرُ أبي شُراعَة مُطلِقاً

لك أن تتيهَ ببحرِهِ الفيَّاض

أبديتَ لي حبْلَ التكبُّرِ فاحتقبْ

عدلاً تبيتُ له بليل مخاض

وَلَما هجوْتُك بل وعظتُك إنني

لا أجعل الأعراض كالأغراض

فاكفُفْ سِهامَك عن أخيك فإنما

آسفتَه فرمَاك بالمِعراض

ومتى هجَوْتَ مُعاتِباً لك مُنصِفاً

فلديهِ عزم في هجائك ماضي

واعلم بأنك إن وردْتَ على الذي

نهنهتَ عنه وردْتَ شرَّ حياض

ومتى نَفَحْتَ من الهِجاء بنفحةٍ

عالت فريضتُها على الفُرَّاض

لستُ الحليمَ عن السَّفيه أخي الخنا

كلّا ولا الواني عن الركَّاض

قد جرَّبَتْ منّي الوقائع باسلاً

أبقى الزَمانُ به نُدوبَ عِضاض

أنا من يرى المكوى أقلَّ هِنائهِ

ويقابلُ الأخلالَ بالأحْماض

فليبْرأ الجَرْبَى فلستُ كمن لقُوا

ما أبعد المكْوَى من الخضْخاض

أنا من سَمِعتَ به وحسْبُك خِبرةً

بأخيك ذاك المُبرمِ النقَّاض

فمتى حَلمتُ لقيتَ أحنفَ دَهرِهِ

ومتى جهلتُ مُنيتَ بالبرَّاض

فاعذِرْ أخاك على الوعيدِ فإنما

أنذرتُ قبل الرمي بالإنباض

أنذرتُ نبلي أنها إن أُرسلتْ

لم تُبقِ باقيةً من الأعراض

واعلمْ وُقيتَ الجهل أن خساسةٌ

بطرَ الغِنَى ومذلَّةَ الأنفاض