أهاجك بينهم إذ نأوا

أَهَاجَكَ بَيْنُهُمْ إِذْ نَأَوْا
وَطَيُّ الْوِصَالِ الذِي قَدْ طَوَوْا
وَتَوْدِبعُ صَبْرِكَ إِذْ وَدَّعُوكْ
وَتَفْطِيرُ قَلْبِكَ لَمَّا بَكَوْا
وَشَاقَكَ أُنْسُهُمُ بِاللِّوَى
وَمُنْعَرِجِ النَّهْرِ حَيْثُ انْتَدَوْا
وَنَيْلُهُمُ بَيْنَ مَهْفَى الشَّمَالْ
وَمَهْفَى الصَّبَا وَالصِّبَا مَا اشْتَهَوْا
وَعِقْدُ الْمُنَى غَيْرُ مُنْتَثِرٍ
وَسَعْدُكَ دَانَ بِمَا قَدْ دَنَوْا
عَفَا اللهُ عَنْهُمْ وَنَضَّرَهُمْ
كَمَا عَنْكَ يَوْمَ اللِّقَا قَدْ عَفَوْا
حَلَتْ لَكَ أَيَّامُهُمْ بِالْعُذَيْبِ
وَمِنْ نَكْبَةٍ قَدْ خَلَوْا فَحَلَوْا
شَوَوْا وُدَّهُمْ لَكَ حَتَّى صَفَا
وَمَا رَمَّدُوا بِالْجَفَا مَا شَوَوْا
وَعَاطَوْكَ كَأْسَهُ مَمْزُوجَةً
بِمَا مِنْ عَظِيمِ السُّرُورِ عَطَوْا
وَأَجْنَوْكَ رَوْضَةَ وَصْلِهِمُ
بِمَا مِنْ ثِمَارِ الْمُنَى قَدْ جَنَوْا
رَعَى اللهُ عَهْدَهُمُ بِالرِّيَاضِ
كَمَا عَهْدَ حُبِّيَ فِيهَا رَعَوْا
وَأَيَّامَ أُنْسٍ لَهُمْ بِالْحِمَى
حَمَوْا مِنْ سُرُورِي بِهَا مَاحَمَوْا
لَيَالِيَ يُبْهِجُنِي جَمْعُهُمْ
وَيُؤْنِقُنِي لَهْوُهُمْ إِذْ لَهَوْا
ويُبْرِئُ قَلْبِيَ مِنْ سُقْمِهِ
بِلَسْعِ الأَسَى شَدْوُهُمْ إِنْ شَدَوْا
وَأَبْنِي مِنَ الشِّعْرِ شِعْراَ أَنِيقاً
يُنَسِّي الرُّوَاةَ الذِي قَدْ رَوَوْا
سَقَاكِ الْحَيَا يَا عُرُوشَ النَّقَا
فَفِيكِ سَقَوْنِي الذِي قَدْ سَقَوْا
وَيَا مُلْتَقَى النَّهْرِ وَالْمُنْحَنَى
أَلاَ اسْلَمْ فَفِيكَ عَلَيَّ حَنَوْا
وَيَا نَفْحَةَ الرَّوْضِ طِيبِي بِهِمْ
فَإِنّهُمُ قَدْ زَكَوْا وَذَكَوْا
أَلاَ نَفْحَةٌ مِنْ رٌبَى وَصْلِهِمُ
تُبَرِّدُ مَا بِالنَّوَى قَدْ كَوَوْا
أَلاَ عَطْفَةٌ لِأَسِيِرهِمُ
أَلاَ رَحْمَةٌ لِلَّذِي قَدْ سَبَوْا
سَلاَمُ الإِلَهِ وَرِضْوَانُهُ
يَؤُمَّانِهِمْْ حَيْثُمَا قَدْ ثَوَوْا
وَلاَ زَالَ شَوْقِي لَهُمْ صَاعِداً
كَزَفْرَاتِ قَلْبِي يَوْمَ نَأَوْا
وَلاَ زَالَ وُديِّ لَهُمْ تَنْتَهِي
نُسَيْمَاتُهُ الْغُرُّ حَيْثُ انْتَهَوْا
- Advertisement -