نلنا ولولا الحب ما نلناها

نِلْنَا وَلَوْلاَ الْحُبُّ مَا نِلْنَاهَا
أَلْوِيَةَ التَّرْقِيقِ إِذْ سُمْنَاهَا
حَاكَتْ لَنَا أَيْدِي الْغَرَامِ مَطَارِفاً
غَزَلَ التَّوَلُّهُ فِي الْحَبِيبِ سَدَاهَا
قُدْنَا الْهَوَى لَمَّا انْفَعَلْنَا لِلْهَوَى
بِأَزِمَّةٍ قَتَلَ الْخُضُوعُ قُوَاهَا
طِبْنَا فَوَفَّتْنَا الصَّبَابَةُ حَقَّنَا
مِنْ حَيْثُ رَاضَتْ لُبَّنَا رُضْنَاهَا
نَارُ الْغَرَامِ وَحَقِّ مَنْ أَغْرَاهَا
لَمُنَعَّمٌ مَنْ قَلْبُهُ مَأْوَاهَا
أَوْقِدْ لَظَاهَا فِي حَشَايَ فَمُنْتَهَى
آمَالِهِ فِي مُنْتَهَى لَأْوَاهَا
لَكِنْ أَخَافُ عَلَى هَوَاكَ مُنَعِّمِي
بِحَرَارَةِ الأَشْوَاقِ أَنْ يَصْلاَهَا
كَلاَّ هَوَاكَ بِهَا الْخَلِيلُ فَنارُهُ
بَرْدٌ سَلاَمٌ حَرُّهَا وَلَظَاهَا
زِدْ فِي تَسَعُّرِهَا أَزِدْكَ تَذَلُّلاً
فَقَسَاوَةُ الأَجْلاَفِ لاَ أَرْضَاهَا
بِاللهِ آاللهُُ يَا سَمْشَ الْبَهَا
أَوْلاَكَ أَحْشَائِي فَكُنْتَ حَشَاهَا
بِاللهِ آاللهُُ يَا رُوحَ الْمُنَى
أَلْقَاكَ فِي رُوحِي فَكُنْتَ مُنَاهَا
بِاللهِ آاللهُُ يَا عَيْنَ السَّنَا
أَلْقَاكَ فِي عَيْنِي فَكُنْتَ سَنَاهَا
بِاللهِ آاللهُُ يَا نَفْسَ الْغِنَى
أَلْقَاكَ فِي نَفْسِي فَكُنْتَ غِنَاهَا
بِاللهِ آاللهُُ يَا غَيْظَ الْعِدَى
أَوْلاَكَ أَعْدَائِي تُثِيرُ ضَنَاهَا
زِدْ فِي تَحَرُّقِهَا فَزَادَ اللهُ فِي
أَكْبَادِهَا غَيْظاً يَحُلُّ عُرَاهَا
وَأَطِلْ تَمَلْمُلَهَا أَطَالَ اللهُ فِي
إِبْقَائِكَ الْمُفْنِي مُفِيتَ رَدَاهَا
لِي فِي هَوَى الْمَحْبُوبِ أَعْظَمُ نَشْوَةٍ
مَوْصُولَةِ الأَفْرَاحِ رَقَّ طِلاَهَا
فَإِذَا سَكِرْتُ صَحَوْتُ مِنْ طَرَبِي بِهَا
وَإِذَا صَحَوْتُ سَكِرْتُ مِنْ ذِكْرَاهَا
فَإِذَا صَحَوْتُ فَمَا صَحَوْتُ عَنِ الْعُلاَ
وَإِذَا سَكِرْتُ فَمَا سَكِرْتُ سَفَاهَا
جَمَحَتْ بِمَيْدَانِ النَّسِيبِ قَرِيحَتِي
وَمَدِيحِ مَنْ سَادَ الْوَرَى يَرْعَاهَا
نَادَتْهُ يَا مُجْلِي الْعَنَا رُسُمُ الْهَوَى
أَرْقَلْنَ بِي لَمَّا امْتَطَيْتُ مَطَاهَا
فَتَخَلَّصَتْ بِسَنَاهُ إِذْ لَبَّاهَا
كَالشَّمْسِ إِشْرَاقُ الضًُّحَى جَلاَّهَا
وَجَدَتْ مَكَانَ الْقَوْلِ مَفْقُودَ الْمَدَى
سَامِي الذُّرَى أَعْيَى الْوَرَى مَرْقَاهَا
جَمَّ الْفَضَائِلِ لاَ يُحَاوِلُ حَصْرَهَا
غَمْرَ الْمَزَايَا عَوْضُ لاَ تَتَنَاهَى
قَصُرَتْ بَنَانُ الشَّرْحِ عَنْ تَبْيِينِهَا
إِذْ بَانَ عَجْزُ الْفَهْمِ عَنْ مَعْنَاهَا
بَهَتَتْ وَحُقَّ لِمِثْلِهَا فِي مِثْلِهِ
وَالْمِثْلُ مَفْقُودٌ لِأَحْمَدَ طَهَ
شَمْسُ الْعَوَالِمِ كُلِّهَا وَمُمِدُّهَا
فِي النَّشْأَةِ الأُولَى وَفِي عُقْبَاهَا
قَبْلَ الْوُجُودِ تَلَأْلَأَتْ أَنْوَارُهُ
فَالْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ بَعْضُ سَنَاهَا
أَصْلٌُ الأُصْولِ وَفَرْعُهَا وَمَلاَذُهُا
وَسِرَاجُ غَيْهَبِهَا وَفَجْرُ دُجَاهَا
وَلَدَتْهُ آمِنَةٌ أَبَا الأُمِّ آدَمٍ
لِلَّهِ مَنْ تَلِدُ ابْنَهَا وَأَبَاهَا
ضَحِكَتْ بِهِ زُمَرُ الْحَقِيقَةِ إِذْ بَكَتْ
فِرَقُ الرَّدَى هَمَّالَةٌ عَيْنَاهَا
فَمَنَاهِلُ الإِيمَانِ طَمَّ هُدَاهَا
وَمَنَازِلُ الْخُسْرَانِ صَمَّ صَدَاهَا
تَاهَتْ مُلُوكُ الْقَوْلِ فِي أَمْدَاحِهِ
وَالتِّيهُ فِي أَمْدَاحِهِ أَقْصَاهَا
لاَ يُسْتَطَاعُ مَدِيحُ مَنْ أَوْصَافُهُ
قَدْ طَرَّزَ الْقُرْآن ُ بَعْضُ حُلاَهَا
وَإِذَا امْتَرَيْتَ فَإِنَّ سُبْحَانَ الذِي
أَسْرَى بِه لَبْلاً كَفَاكَ وَطَهَ
قَالُوا أَلاَ امْدَحْهُ فَقُلْتُ أَبَعْدَمَا
أَثْنَى عَلَيْهِ اللهُ جَلَّ شِفَاهَا
فِِي حَضْرَةٍ مِنْ قُدْسِهِ لَمْ يَسْتَطِعْ
جِبْرُيلُ أَنْ يَدْنُوَ مِنْ أَدْنَاهَا
مَا بَعْدَ مَدْحِ اللهِ جَلَّ جَلاَلُهُ
مَدْحٌ لِمَنْ خَفَضَ الْعُلاُ وَعَلاَهَا
وَبَنَانُهُ فَاضَتْ نَوَالاً مِثْلَ مَا
قَاضَتْ بِمَا رَوَّى الْجُيُوشَ مِيَاهَا
وَأَنَالَهُ الرَّحْمَانُ جَلَّ مَكَانَةً
فَتَبَارَكَ الرَّحْمَانُ مَا أَعْلاَهَا
أَقْسَمْتُ بِالْهَيَمَانِ فِي أَسْرَارِهَا
مَا حَامَ خَلْقٌ قَطُّ حَوْلَ حِمَاهَا
عُذْراً رَسُولَ اللهِ جِئْتُكَ طَالِباًَ
لاَ مَادِحاً حَاشَاكَ عِنْدَكَ جَاهَا
وَلَئِنْ أَسَأْتُ بِمَا نَظَمْتُ فَإِنَّنيِ
أَهْدَيْتُ أَبْكَارِي إِلَى مَوْلاَهَا
أَنْتَ الذِي أَوْلَيْتَنَا أَسْبَابَهَا
وَاللهِ لَوْلاَ أَنْتَ مَا نِلْنَاهَا
هَا عَبْدُكَ الْمُضْطَرٍّ أَمَّ جَنَابَكُمْ
يَرْجُو مِنْ أَسْبَابِ الْهُدَى أَقْوَاهَا
هَا عَبْدُكَ الْمَلْهُوفُ لاَذَ بِبَابِكُمْ
يَرْجُو مِنْ أَدْوِيَةِ الضَّنَى أَشْفَاهَا
قَدْ غَلَّهُ الْإِيغَالُ فِي شَهَوَاتِهِ
إِذْ أَوْثَقَتْهُ ذُنُوبُهُ إِكْرَاهَا
وَتَنَاوَشَتْهُ مُعْضِلاَتُ زَمَانِهِ
حَتَّى بَرَاهُ الْوَجْدُ مِنْ جَرَّاهَا
قَابِلْ ضَرُورَتَهُ بِمُمْكِنِ طِبِّكُمْ
فَدَوَامُ ذَلِكَ مُطْلِقٌ شَكْوَاهَا
وَاعْطِفْ هُدَاكَ عَلَى مَحَلِّ ضَلاَلِهِ
عَطْفاً يُنَجِّي النَّفْسَ مِنْ غُمَّاهَا
وَأَنِلْهُ تَخْصِيصاً بِجَرِّ إِضَافَةٍ
لِحِمَاكَ مَعَ مَنْ قَدْ أَطَاعَ اللهَ
وَامْنَحْهُ فِي حَدِّ الْغِنَى طَرْدَ الْعَنَا
حَتَّى تُنَاوِلَهُ الْمُنَى يُمْنَاهَا
وَأَفِدْهُ فَهْماً فِي قَضَايَاكَ التِي
عَكْسُ النَّقِيضِ مُوَافِقٌ فَحْوَاهَا
وَاحْفَظْ أَبَاهُ وَأَهْلَهُ وَشُيُوخَهُ
فِي هَذِهِ الدُّنْيَا وَفِي أُخْرَاهَا
صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يَا مَنْ جَاءَنَا
مُسْتَبْشِراً كَالشَّمْسِ وَقْتَ ضُحَاهَا
صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يَا مَنْ جَاءَنَا
بِالرِّفْقِ لاَ فَضّاً وَلاَ جَبَّاهَا
صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يَا مَنْ جَاءَنَا
سَهْلاً عَلَى الضُّعَفَاءِ لاَ تَيَّاهَا
صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يَا مَنْ نُورُهُ
مَسَكَ الْعَوَالِمَ أَرْضَهَا وَسَمَاهَا
صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يَا مَنْ حُبُّهُ
قَدْ بَصَّرَ الأَلْبَابَ بَعْدَ عَمَاهَا
صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يَا مَنْ ذِكْرُهُ
قَدْ طَيَّبَ الأَسْمَاعَ وَالأَفْوَاهَا
صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ مَا قَالَ الذِي
شَرِبَ التَّحَيُّرَ مِنْ جَلاَلِكَ وَاهَا
وَعَلَى قَرَابَتِهِ مَصَابِيحِ الْوَرَى
وَعَلَى صَحَابَتِهِ الْعَمِيمِ هُدَاهَا
- Advertisement -