هي الدنيا يغر بنا سناها

هِيَ الدُّنْيَا يَغُرُّ بِنَا سَنَاهَا

فَنَأْمَنُهَا فَيَفْجَأُنَا دُجَاهَا

تُعَلِّلُنَا بِإِدْرَاكِ الأَمَانِي

وَلاَ يَنْفَكُّ يَرْشُقُنَا رَدَاهَا

فَلَوْ أَنَّا عَقَلْنَا مَا لَهَوْنَا

بِمَا أَبْدَتْ إِلَيْنَا مِنْ حُلاَهَا

وَلَكِنَّا أَضَرَّ بِنَا هَوَاهَا

وَأَرْدَانَا التَّنَافُسُ فِي خَلاَهَا

أَنَلْهُو وَالرَّدَى فِينَا مُقِيمٌ

أَعَدَّ لَنَا نِبَالاً قَدْ بَرَاهَا

وَنَرْجُو الْخُلْدَ فِيهَا وَالْمَنَايَا

تُدِيرُ عَلَى أَحِبَّتِنَا طِلاَهَا

وَتَفْجَعُنَا بِرُزْءٍ إِثْرَ رُزْءٍ

عَلَى أَنََّا سَتَطْحَنُنَا رَحَاهَا

سَقَى الرَّحْمَانُ قَبْراً ضَمَّ شَخْصاً

تَسَرْبَلَ بِالْمَكَارِمِ وَارْتَدَاهَا

وَنَضَّرَ مَضْجِعاً لِفَتَاةِ صِدْقٍ

حَوَى غُرَرَ الْفَضَائِلِ إِذْ حَوَاهَا

لَقَدْ كَانَتْ تَحُضُّ عَلَى الْمَعَالِي

وَتَنْدُبُ لِلْمَكَارِمِ مَنْ أَبَاهَا

وَقَدْ كَانَتْ بِأُفْقِ الْفَضْلِ شَمْساً

فَحَطَّتْهَا الْمَنِيَّةُ عَنْ ذُرَاهَا

وَأَلْبَسَهَا الْمَنُونُ مُلَى كُسُوفٍ

فَهَلاَّ فَضْلُهَا الْوَافِي حَمَاهَا

فَكَمْ أَحْيَتْ مَوَاهِبُهَا كَئِيباً

أَحَلَّتْهُ النَّوَائِبُ فِي حِمَاهَا

وَكَمْ رَبَّتْ بِأَنْعُمِهَا يَتِيماً

قَلَتْهُ أُمُّهُ حَتَّى سَلاَهَا

لَئِنْ مَاتَتْ فَمَا مَاتَتْ حُلاَهَا

وَإِنْ أَوْدَتْ فَمَا أَوْدَى عُلاَهَا

فَقَدْ أَبْقَتْ مَآثِرَ مُشْرِقَات

تُخَبِّرُ عَنْ عُلاَهَا فِي نَوَاهَا

وَمَنْ يُنْجِبْ بِمِثْلِكَ يَا ابْنَ عَمِّي

فَقَدْ ذَخَرَ الْمَحَامِدَ وَاقْتَنَاهَا

تَجَلَّدْ وَاحْتَسِبْ وَاصْبِرْ لِتُعْطَى

أُجُوراً لاَ يُحَاطُ بِمُنْتَهَاهَا

وَلاَ تَحْزَنْ فَإِنَّا عَنْ قَرِيبٍ

سَيَسْقِينَا الرَّدَى مِمَّا سَقَاهَا

جَزَاهَا اللهُ خَيْراً مِنْ حَصَانٍ

وَقَدَّسَ رُوحَهَا وَسَقَى ثَرَاهَا

وَلاَ زَالَتْ جِنَانُ الْخُلْدِ تُهْدِي

إِلَيْهَا مَا تَأَرَّجَ مِنْ شَذَاهَا