هبا قليلاً أيها النئمان

هُبّا قَلِيلاً أيّهَا النَّئِمَان

وَأسعِدَا إن كُنتُما تُسعِدَان

أَمُنفِدَي لَيلِى كَرىً أنتُمَا

أم أنتُمَا مِن سَقَمٍ عَائِدَان

لا تَبكِيَانِي مَيّتاً وابكِيَا

عَلَيّ حَيّاً بالدُّمُوعِ الهِتَان

ولا تَكُونَا مِثلَ مَا قِيلَ فِي

تَتبُّعِ الآثَارِ بَعدَ العِيَان

تَطاوَلَ اللَّيلُ عَلَى مُقلتِي

كأنَّما لَيلُهَا لَيلَتان

مَا لِنُجُومِ اللَّيلِ مَعقولَةً

مَأ زَالَ مِنهَا وَاحِدٌ مِن مَكَان

كَأنّما النَّسرُ هِيضَ إِذا

رَامَ نُهوضاً خَانَهُ الأبهَرَان

وَالبَدرُ قَد أَنحَلَهُ مَحقُهُ

فَلَم يَكَد مِن ضَعفِهِ يُستَبان

كَأَنَّما عَبّ الدُّجَى عَبّة

في قَعبِهِ فَانثَلَمَ الجانِبان

وَشَابَ جُنحُ اللَّيلِ مِن مُكثِهِ

ينتظرُ الصُّبحَ مَروعَ الجَنان

حَتَّى إِذا ورّسَ أثوابَه

وَعمَّمَ الآفاق بالزعفران

قَلَّصَ ذَيلَهُ وَحَثّ الخُطَى

رُعباً وفَود رأسه الشهبان

وَكَفُّهُ تُمسِكُ مِن بَدرِهِ

مَعجِسَ قَوسٍ أو عَصَا صَولَجان

قَضَيتُهُ سُهداً وَعَينَايَ مِن

فَرط الأسَى عَينانِ نَضّاختان

عَدِمتُ هَذَا القَلبَ مِن صَاحِبٍ

هَل أنتُما لِي غَيرَهُ وَاجِدان

واجتَنِيا مِن وَردَتَي خَدِّهِ

…..

وَإنَّ أُنَاساً رَمَت حَظِّيكُما

…..

فَصَيّراني مَثَلاً في الهَوَى

…..

حَسبِي كَفَتني نَظرَةٌ قَد

لَبِستُ مِن دائِها ما عَرَان

أضرَمَت فِي القَلبِ جَمرَة إِذَا

خَبَت زيدَت فَوقَهَا جَمرَتَان

يَبِيتُ لِلحُبِّ مَرُوعاً كَمَا

يَبيتُ لِلحَرّ

وَكُلّما قُلتُ لَه لا تُرَع

وَلذ بِصَبرٍ قَالَ إِنِّي جَبان

هَذَا وَلَم أُنظُر سوَى نَظرَةٍ

فَكَيفَ بِي لَو أنَّهَا نَظرَتان

مَا اللَّحظُ إلاّ مِقَةٌ كُلُّهُ

وَمَا الهَوَى إلا اجتلابُ الهَوَان

يَا غُصناً زينَ بِهِ عِيصُهُ

وكوكبا أطلعًهُ نَيِّران

هَل بَعدَ هَذَا الصِّدِّ مِن عَطفَةٍ

تُرجَى وَهَل بَعدَ النَّوَى مِن تَدَان

أينَ تَجارِينَا إلَى غَايَةٍ

فِي طَلَقِ الوَصلِ بِطَرفَي رِهَان

أينَ تَخَالِينَا بِلا كَاشِحٍ

فِي دَوحَةِ الأنسِ وَظِلِّ الأمَان

فَيَا سَمِي المُصطَفَى إِن أمُت

وَقَامَ يَنعَانِي لَك النَّاعِيان

فلا تَخَف مِن ثائِرٍ فَدَمِي

حلّ وَبلّ لكَ يا مَن سَبان

أُقسِمُ بِالبَيتِ وَخَيفِ مِنّي

وَمَا حَوَت مَكّةُ وَالأخشبَان

لأنتَ فِي القلبِ وَإن سُؤتَنِي

بالهَجرِ حَتَّى انتَقَمَ الحَاسِدَان

نَاشَدتُكَ اللهَ أعِد نَظرةً

فَرُبّما أبرَأنِي مَا بَرَان