رمتك سهام العين والله أنفذا

رَمَتكَ سِهامُ العَينِ وَاللَهُ أَنفَذا

وَما أَخَذتَ حَتّى قَضى فيكَ مَأخَذا

فَمُتَّ وَقالَ الحَمدُ لِلَّهِ مُشفِقٌ

بِأَسمائِهِ الحُسنى رَقاكَ وَعَوَّذا

وَلَو شاءَ عافى وَجهَكَ الحَسنَ الَّذي

تَوَرَّمَ حَتّى خِفتُ أَن يَتَخَذَّذَا

وَلكِنَّهُ جازاكَ بِالجَنَّةِ الَّتي

غَذاكَ بِها مِن جَنَّةِ الخُلدِ ما غَذا

رَجوتُكَ يا اِبني وَالزَمانُ محالِفي

سَعيتُ لِتَوقي وَهوَ يَسعى لِتوقَذا

وَلَمّا تَوَفّى اللَهُ مَن كُنتُ أَرتَجي

وَعاشَ الَّذي يشكى الأَذى مِنهُ وَالقَذى

نَبَذتُ وَضمتُ اِبنَ البِغيّ وَطالَما

شَفعتُ لَهُ أَن لا يُضامَ وَينبذا

جَبَذتُ فُؤادي مِن حَنايا ضُلوعِهِ

وَما جَبَذَتكَ الأَرضُ إِلّا لِتُجبَذا

لَحى في البُكا لاحٍ فَقالوا أَلا هُدى

فَقُلتُ وَأسبَلتُ الدُموعَ أَلا اِنبذا

يَصيّرُني الداعونَ فيكَ إِلى الأَسى

وَثُكلكَ في قَلبي أَحَرُّ مِنَ الحَذا

أَبى القَلبُ إِلّا أَن يُقَطَّعَ حَسرَةً

وَيحمي عَلى النارِ الضُلوعَ مُحَبِّذا

وترت صَغيرَ السِنِّ مُستَعظمَ السّنا

جَنِيَّ المحيّا قلب القَلب جَهبَذا

تَرِقّ حَواشيهِ وَيَظرُفُ طَبعُهُ

وَآدابُهُ حَتّى يُقال تَبَغدَذا

وَيَحنو عَلَيهِ المَجدُ مِمّا سَما لَهُ

وَيَعنو لَهُ الضّرغامُ مِمّا تَنَجَّذا

وَهَل كانَ إِلّا فَخرَ فهر بنِ مالِكٍ

رأى حَذوهُم في صيصَةِ المَجدِ فَاِحتَذى

وَصُمُّ الأَعادي تَقشعرُّ لِذِكرِهِ

جُلودهُمُ حَتّى تَرى اللَيثَ قُنفُذا

تَقرّ بهِ عَيني إِذا سَخِنَت بِهِم

وَتُقذى إِذا ما أقذيَت وَهُمُ القَذى

أُقَبِّلُ ياقوتَ المحيّا بِخَدِّهِ

وَلَو عاشَ لي قَبّلتُ مِنهُ الزُمُرُّذا

لَقَد ساءَني في الدَهرِ مَن كانَ سَرَّني

وَأَغرَقَني في الدَمعِ مَن كانَ أَنقَذا

مَضى وَهوَ لَم تُكتَب عَلَيهِ خَطيئَةٌ

وَكَيفَ وَما أَمنى بُلوغاً وَلا مَذى

وَلا قَطّ آذى مُسلِماً بِلِسانِهِ

وَلا بِيَدَيهِ بَل هُوَ اِحتَمَلَ الأَذى

فَأَرَّقَ عَيني وَالدُموع أَراقَها

وَلَم يَبقَ إِلّا ذِكرُهُ مُتَلَذِّذا

سَعى النورُ حَولي نَعشهُ وَعِداتهُ

تَقولُ زَكا مَن كانَ مَشهَدُهُ كَذا

وَصَلّى عَلَيهِ المُسلِمونَ بِأَسرِهِم

وَقاضي التقى إِلّا الفَقيهَ المَشعوذا

بَكَوهُ وَقالوا أَيَّ برٍّ وَفالِذٍ

وَجَدناهُ مِن كُلٍّ أَبرّ وَأَفلَذا

فَغاثوا بِهِ الأَرضَ رَيّا مِنَ البُكا

وَطافوا بَرِيّا قَبره الطَيِّبَ الشَذا

شِهابُ العُلا لَو كانَ يعقلُ نَعشهُ

لَأَشبَهَ قَلبي حَسرَةً فَتَفَلَّذا

تَقولُ المَعالي كُلَّما أعجبت بِهِ

لِمِثلِكَ قالَ العربُ نعمى وَحَبَّذا

لَهُ فَهَمٌ ما كلَّ قَطُّ غرارُهُ

فَمصقَله إِعمالُ فِكرٍ وَشَحَّذا

تَبَيَّنَ مَعنى الفَرق ما بَينَ إِن وَأَن

وَمَيَّزَ إِذ قيلَ التَأَدُّبِ من إِذا

وَكانَ يَرى الكُتّابَ قُرَّةَ عَينِهِ

إِذا صِبيةُ الكتّابِ مَلّوهُ لُوَّذا

وَأَقسَمَ لَو أَوفى عَلى التِسعِ مِثلُها

عَنا كُلَّ أَستاذِ لَهُ فَتَتَلمَذا

أَعبدُ الغنيّ اِبني شَذَذتَ نَجابَةً

وَما زالَت الأنجابُ مِثلكَ شُذَّذا

بَذَذتَ الكُهولَ الغرّ حِلماً وَسُؤدُداً

كَذاكَ عَهدنا فهر لِلنّاسِ بُذَّذا

كَأَنَّكَ تَتلو الذِكرَ مُتَّعِظاً بِهِ

تُرتِّلُهُ وَالناسُ يَتلونَ هُذَّذا

أَأَحسب لي مَعنى وَإِن كُنتُ واحِداً

شَأى القَومَ في آدابِهِ وَتَفَذَّذا

وَبَعدَكَ لا أَرتادُ في الرَوضِ مَربَعاً

لِعَيني وَلا أَسطيعُ في الأَرضِ مَنفَذا