لا جلا أحزاني الجلد

لا جَلا أَحزاني الجَلدُ

لا خَلا مِن ذِكرِكَ الخَلدُ

لا هَنى عَينَيَّ نَومُهُما

وَهناكَ الحُزنُ وَالخُلُدُ

باتَ صَحبي يَسهَرونَ وَلَم

يَجِدوا الوَجدَ الَّذي أَجِدُ

وَأَنا أَسهَرتُ أَعيُنهُم

إِنّ دَمعي لَو رَقا رَقَدوا

قُلتُ إِذ قالوا تَعَزَّ أَما

لِلبُكا مِن بَعدِهِ أَمَدُ

مَدَّ دَمعي فيهِ بَحرُ دَمي

فَأَبى أَن يَنفَدَ الأَبَدُ

أَنا أَبكي وَالغَليلُ كَما

كانَ في الأَحشاءِ وَالكَمَدُ

كُلَّما رُمتُ الأَسى نَكَأ ال

قَرحَ دَهرٌ دَأبُهُ النَكَدُ

عُرّي اليَومَ العَرينُ مِنَ الش

شبلِ فَليُبدِ الأَسى الأَسَدُ

مغتَوٍ بِالدَمعِ مُغتَرِبٌ

ما لَهُ مالٌ وَلا وَلَدُ

عَثَتِ الأَعرابُ في بَلَدٍ

فَاِكتَسى ثَوبَ البِلى البَلَدُ

اِحدُ يا بَرقَ السَحابِ لَهُ

مِن جُفوني ما رَسا أَحُدُ

كانَ في عَبدِ الغِنيّ غِنىً

عَنهُ حَتّى حَسَّهُ الحَسَدُ

طَرَقَتني العَينُ فيهِ وَقَد

عاصَ وَاِشتَدَّت بِهِ العَضُدُ

وَتَرَتنيهِ شَعوبُ وَما

لِغَوِيٍّ عِندَها قَوَدُ

دارِعٌ لا المَوتَ يَدرَأُ عَن

نَفسِهِ أَزرى بِهِ الزَرَدُ

بَعدَ أَن يحمى الفناءُ بِنا

لِفَناءٍ نَحنُ لا فَنَدُ

رُبَّ بانٍ وَالحِمامُ لَهُ

في بِناءٍ رَصَّهُ رَصَدُ

آه أَودى مَن أَوَدُّ وَمَن

قامَ في قَومي بِهِ الأَوَدُ

شَبَّهُم حَرباً فَوا حَربا

ما لَهُم ناخوا وَقَد وَقَدوا

وَجَدوهُ وَالسُعودُ تَقي

ثُمَّ خانَتهُم فَقَد فَقَدوا

دُرَّةً يُزهى بِرَونقِها

مُنتَقٍ لِلدُرِّ مُنتَقِدُ

مَلَأَت عَينَ الزَمانِ سَنىً

وَصَفا مِنها لَهُ الصَفَدُ

لَو تَمادَت مُدَّةُ اِبنِيَ لَم

يَتَجاوَز حَدَّهُ أَحَدُ

كانَ طِفلاً لَو غَزا مائَةً

لَم يَهُلهُ لِلعِدا عَدَدُ

طارَ لِلعَليا فَأَدرَكَها

بِجَناحٍ راشَهُ الرَشَدُ

وَاِبتَنى المَجدَ المُؤَثَّلَ وَال

عَمَلَ الزاكي لَهُ العُمُدُ

يا عُقاب المَوتِ حُمت عَلى

عَقِبي فَاِنحَلَّتِ العُقَدُ

اِختَطَفتِ اِبنَ اللَباةِ وَلَم

تَحمِهِ الأَظفارُ وَاللِبَدُ

وَخَبا نَجمي فَها أَنا ذا

لا سَنىً يهدي وَلا سَنَدُ

كَبِدُ المَرءِ اِبنُهُ فَإِذا

كُبَّ أَمسى ما لهُ كَبِدُ

كُلُّ مَحبوبٍ يُمَلُّ سِوى

ما يَلي الإِنسانُ أَو يَلِدُ

إِنَّما الأَبناءُ إِن نَجُبوا

عدد الآباءِ وَالعدَدُ

وَإِذا كانَ الفَتى خَلفاً

فَحُلى أَجدادِهِ جُدُدُ

نَفَسَ الباكي عَلَيكَ تُرى

يا حَيا الصادي مَتى نَرِدُ

كُن غَداً نورَ الشَقِيِّ إِذا

ما سَعى نورُ الألى سَعِدوا

وَحَديثٍ لِلنَبِيِّ يَعي

فيهِ بُشراهُ بِما يَعِدُ

وَعَسى المُختارُ يَذكُرهُ

فَيَقي المَحزونَ إِذ يَفِدُ

لا يَد لي كَيفَ عِشتُ وَقَد

حَكَمَت لِلمَوتِ فيكَ يَدُ

مَن بَكى الأَحبابَ إِذ بَعُدوا

فَليَمُت وَجداً إِذا بَعُدوا

كانَ مُذ قامَت نُعاتُكَ بي

صَمَم حَتّى هَدى الصَمدُ