وأود أن أحيا بفكرة شاعر

وَأَوَدُّ أَنْ أَحيا بفِكْرَةِ شاعرٍ

فأَرى الوُجُودَ يضيقُ عَنْ أَحلامي

إلاَّ إِذا قَطَّعْتُ أَسبابي مع الدُّ

نيا وعِشْتُ لوَحْدتي وظَلامي

في الغابِ في الجبلِ البعيدِ عن الورى

حيثُ الطَّبيعَةُ والجمالُ السَّامي

وأَعيشُ عِيشَةَ زاهدٍ متَنَسِّكٍ

مَا إنْ تُدَنِّسْهُ الحَيَاةُ بِذَامِ

هجرَ الجماعَةَ للجبالِ تَوَرُّعاً

عنها وعَنْ بَطْشِ الحَيَاةِ الدَّامي

تمشي حواليه الحَيَاةُ كأنَّها

الحلمُ الجميلُ خفيفَةَ الأَقدامِ

وَتَخرُّ أَمواجُ الزَّمانِ بهَيْبةٍ

قُدْسِيَّةٍ في يَمِّها المُتَرامي

فأَعيشُ في غابي حَياةً كُلُّها

للفنِّ للأحلامِ للإلهامِ

لكِنَّني لا أَستطيعُ فإنَّ لي

أُمًّا يَصُدُّ حَنَانُها أَوهامي

وصِغارُ إخوانٍ يَرَوْنَ سَلامَهُمْ

في الكَائِناتِ مُعَلَّقاً بسَلامي

فَقَدوا الأَبَ الحاني فكنتُ لضُعْفِ

هِمْ كهفاً يَصُدُّ غَوائلَ الأَيَّامِ

ويَقِيهمُ وَهجَ الحَيَاةِ ولَفْحَها

ويذودُ عنهم شَرَّةَ الآلامِ

فأَنا المُكَبَّلُ في سَلاسلَ حيَّةٍ

ضحَّيتُ مِنْ رَأَفي بها أَحلامي

وأَنا الَّذي سَكَنَ المدينَةَ مُكْرَهاً

ومشى إلى الآتي بقلبٍ دامِ

يُصغي إلى الدُّنيا السَّخيفَةِ راغماً

ويعيشُ مِثْلَ النَّاسِ بالأَوهامِ

وأَنا الَّذي يحيا بأَرضٍ قَفْرَةٍ

مَدْحُوَّةٍ للشَّكِّ والآلامِ

هَجَمَتْ بيَ الدُّنيا على أَهوالها

وخِضمِّها الرَّحْبِ العميقِ الطَّامي

من غيرِ إنذارٍ فأَحْمِلَ عُدَّتي

وأَخوضَهُ كالسَّابحِ العَوَّامِ

فتحطَّمتْ نفسي على شُطْآنِهِ

وتأَجَّجتْ في جَوِّهِ آلامي

الويلُ في الدُّنيا التي في شَرْعِها

فأْسُ الطَّعامِ كريشَةِ الرّسَّامِ