أكف البرايا من تراثهم صفر

أكفُّ البَرَايَا مِنْ تُرَاثِهِمُ صُفْرُ

وبِيْضُ المَنَايا من دِمَائِهُمُ حُمْرُ

وخيلُ الرَزَايَا ماتزالُ مُعدَّةً

تقاتلُنَا فُرْسانُها ولها النَّصْرُ

تكُرُّ علينا البِيضُ والسُّمْرُ بالردَى

فتبلغُ ما لا تبْلُغُ البِّيضُ والسُّمْرُ

ومَوْردُ هذا الدهرِ مُرٌّ وإنَّهُ

لأَعْذَبُ شيءٍ عندَنا ذَلكَ المُرُّ

خليليَّ من أبناءِ بكرِ بنِ وائلٍ

قِفَا وانْدُبَا شَيْخاً بهِ فُجِعتْ بَكْرُ

وبدراً تراءَى للنواظرِ فاهتدتْ

بِهِ بُرْهةً ثم اختفَى ذَلِكَ البَدْرُ

وعَضْباً ثَنَتْ أيدي النوائِبِ حَدَّهُ

فهلاَّ اعتراها من مضاربِهِ عَقْرُ

أرامي الرَّدَى أَخطَأْتَنا وأَصَبْتَهُ

أسأتَ لنا جُذَّتْ أَنامِلُكَ العَشْرُ

فَيَا أيُّها الثَّاوي الذي اتخَذَ الثَّرَى

مُقَاماً فَهَلاّ كَانَ صَدْري لَكَ القبرُ

وهَلاَّ استخارَ الغَاسِلونَ مَدَامعي

لجسْمِكَ غُسْلاً ثم شِيبَ به السِّدْرُ

فإنْ جُعِلَ الماءُ القُرَاحُ برغمِ مَنْ

رآه لكم طُهْراً فأنتُمْ له طُهْرُ

وإن بَلِيتْ أكفانُكَ البيضُ في الثرى

فما بَلِيَ المعروفُ منكَ ولا الذكْرُ

أُوالُ سُقِيتِ صَوْبَ كلِّ مجلجلٍ

من المُزْنِ هَامٍ لا يجِفُّ له قَطْرُ

كأنَّكِ مغناطيْسُ كلِّ مُهَذَّبِ

فما كاملٌ إلاّ وفيكِ له قَبْرُ

لِيَهْنِكَ فَخراً أنْ ظَفِرتَ بتربةٍ

يُعفَّرُ خَدٌّ دُونَ إدْرَاكِها الغُفْرُ

ثوَى بِكَ من آلِ المُقَلَّدِ سَيّدٌ

هو الذَهَبُ الإبرِيزُ والعَالِمُ الصُّفْرُ

فَتًى كَرُمتْ آبَاؤُهُ وجُدُودُهُ

وطَابَتْ مَسَاعيهِ فتمَّ لهُ الفخرُ

عَفِيفٌ مُلاثُ البُرْدِ عن كلِّ زَلَّةٍ

وفي أذْنِهِ عن كلِّ فاحِشةٍ وَقْرُ

جَوَادٌ له في كلِّ أُنْمُلَةٍ بَحْرُ

بصيرٌ لهُ في كلِّ جَارِحَةٍ فِكْرُ

ويا بَلَدَ الخَطِّ اعْتَرَاكِ لفقدِهِ

مدَى الدهرِ كَسْرٌ لا يُرَامُ لهُ جَبْرُ

مِنَ الآنَ بَدْءُ الشَّرِّ فيكِ وإنَّهُ

لمُتَّصِلٌ بَاقٍ وآخِرُهُ الحَشْرُ

فأيُّ فتًى لا يَرْهَبُ الضيمَ جَارُهُ

فقدتِ ويُسْرٌ لا يُمازِجُهُ عُسْرُ

وليثُ وغىً لو قَابَلَ الليثَ أَعْزَلاً

وحَارَبَهُ لم يُغْنِهِ النابُ والظُّفْرُ

فأُقسمُ لولا مَوْتُهُ في فِرَاشِهِ

لجُرِّدَتِ البِيضُ المُهنَّدَةُ البُتْرُ

وأُرعِشَتِ المُلْدُ المثقّفةُ السُّمرُ

وأقبلتِ الخَيْلُ المُسَوَّمَةُ الشُّقْرُ

عليهنَّ من آلِ المُقَلَّدِ غِلْمَةٌ

مَسَاعِيرُ حَرْبٍ لا يضيعُ لها وِتْرُ

تُثَقِّفُ مُنآدَ الرماحِ أكُفُّهُمْ

وتمنحُها طُوْلاً إذا شانَها قِصْرُ

كأنَّهُمُ والسابغاتُ عليهِمُ

إذَا ما دجَى ليلُ الوغَى أنجمٌ زُهرُ

ولو خَلَّدَ المعروفُ في الناسِ وَاحِداً

لَخلَّدَ عبدَاللهِ نَائِلُهُ الغَمْرُ

ولكنَّها الأيامُ جَاءَتْهُ تبتغِي

نَوَالاً فأَولاها نَوَالاً هُوَ العمرُ

فيا قَبرَهُ حَيَّاكَ مُنْعَبِقُ الكَلا

ونَشَّرَ من أَبرادِهِ حَولَكَ الزَّهْرُ

بَنِيهِ اصْبِرُوا فالصبرُ أَجملُ حُلَّةٍ

تردَّى بها مَنْ مَسَّ جَانِبَهُ الضُّرُّ

فلولا انقضا الأَعْوَامِ ما فَنِي الدَّهرُ

ولولا فَنَا الأيامِ ما نَفَدَ الشهر

ودونَكُمُ من لُجَّةِ الفِكْرِ دُرَّةً

مُنظَّمةً يعنُو لها النظمُ والنثرُ

وعَذْرَاءَ من حُرِّ الكلامِ خريدةً

بأمثالِها في الشِّعْرِ يفتَخِرُ الشِّعْرُ

وَمَا مَهْرُهَا إلاَّ قَبُولُكُمُ لها

لقد كَرُمَتْ مَمْهُورَةً وغَلا المَهْرُ