ألا تستنطق الدمن الخوالي

أَلا تَسْتنطقُ الدِمَنَ الخَوَالي

فَنَسْألُها عن الحيِّ الحِلالِ

أَبَتْ إلاَّ أَثَافي جَاثِمَاتٍ

على الكَانُونِ كالخَدَمِ الصَّوَالي

وأشعثَ غيرَ مَمْسُوسٍ بدُهْنٍ

ولا عَبَثَتْ بِهِ أيدي الغوالي

عَوَاطِلُ بَعدَمَا كانتْ زَمَاناً

بأُنْسِ القَاطِنينَ بها حَوَالي

دعاهُم رَيْبُ دهْرِهِمُ فَبَانُوا

سِرَاعاً والمقيمُ إلى ارتِحَالِ

ولا تبقَى على الحَدَثَانِ شُمُّ الْ

هِضَابِ ولا مُنيفاتُ القِلالِ

فَعَدِّ على الدِّيَارِ فإنَّ خَطْباً

تَوَخَّانا بهِ صَرْفُ الليالي

أَطَارَ كَرَى العُيُونِ فَخِيطَ جَفْنٌ

على سَهَرٍ وَقَلْبٍ باشْتِغَالِ

وبَيَّضَ لِمَّةً وأَحَالَ وَجْهاً

كَأَنَّ الوجْهَ يُصبَغُ بالقَذَالِ

غَدَاةَ نُعِي لَنَا حَسَنٌ وقَالُوا

هَوَى من أفْقِهِ نَجْمُ المَعَالي

فَظَلْنَا حِينَ جَدَّ بنا نَعَاهُ

وقد ضَاقَتْ بِنا سَعَةُ المَجَالِ

كَشَرْبٍ طَوَّحتْ بِهِمُ شَمُولٌ

فَطَاحُوا لليَمينِ وللشِمَالِ

نَلُوذُ إذَا غَليلُ الحُزْنِ أَغْرَى

لَظَاهُ بنا إلى الدمْعِ المُذَالِ

سَلِ الأَجْدَاثَ مَاذَا أَوْدَعُوهُ

بِها من شُهْرَةٍ وظُهُورِ حَالِ

وما واروهُ فيها من جَميلٍ

بهِ يُبْكَى عَلَيهِ ومن جَمَالِ

أَوالدَهُ ولَسْتَ تُلامُ عندي

سِوَى شَيءٍ على وَجْهِ السُّؤَالِ

عَلامَ غَسلتَهُ من كلِّ عَيْبٍ

فجاءَ كقطرةِ الماءِ الزُلالِ

فَهَلاَّ كُنتَ تتركُ فيهِ عيباً

فَكَانَ يقيهِ من عَينِ الكَمَالِ

أَلاَ قُولوا لِحِمْيَرَ حَيثُ كَانتْ

أُولي العَزَمَاتِ والهِمَمِ العَوَالي

وفُرْسَانِ الحروبِ إذَا تداعتْ

فَوَارِسُهَا بحيَّ عَلَى النِزَالِ

أَصَابكُمُ الحِمَامُ فلم يَهَبْكُمْ

بِأَشْرَفِ أوّلٍ فيكُمْ وتَالي

فَتًى عُظَمَاءُ بلدتِهِ عِيَالٌ

عليهِ في المهَابَةِ والجَلالِ

على حينِ استتبَّ لَهُ عُلاهُ

وقِيلَ قد استوَى ضَوْءُ الهِلالِ

أَمَا لو كان ثَأراً عندَ غيرِ الْ

مَنيَّةِ والنفوسُ إلى زَوَالِ

لأَوجفْنَا عليهِ الخَيلَ شُعْثاً

تُعادي في الأَعِنَّةِ كالسَّعَالي

إذَا أَرسَلْتَهنَّ وراءَ نَبْلٍ

تَجَاوزتِ المدَى قَبلَ النِّبَالِ

عليها كلُّ ضِرْغَامٍ إذَا ما

استطالَ السِّلْمَ حَنَّ إلى القِتَالِ

وَأجْلَبنَا بِبِيضِ الهِنْدِ تُدْمَى

مَضَارِبُهُنَّ والسُّمْرِ الطِّوَالِ

خليليَّ ازْجُرَا السُّحْبَ الغَوَادِي

على ما تشتكِيهِ من الكَلالِ

بطيئاتٍ تنوءُ إذا استُثيرتْ

من السُّقْيَا بأَعْبَاءٍ ثِقَالِ

إِذَا جَاوَزْنَ سِيْفَ أوالَ صُبْحاً

وشَارفنَ القطيفَ مع الزَّوَالِ

فَصَبّاً ما حَمَلْنَ من الرَّوَايَا

على قَبْرٍ بِجَرْعَاءَ الشِّمَالِ

وتحبُسُ نَفْسَها أبداً عَلَيهِ

عُكُوفَ المُرْضِعَاتِ على الفِصَالِ

بحيثُ يُشَقُّ يَومَ البَعْثِ رَطْباً

بما قد أَسْأَرتْهُ من البِلالِ

أرَى الأَيَّامَ تُقْسِمُ ظالماتٍ

فتبدلُنا الأَسَافِلَ بالأَعَالي

فتتركُ من تَرَاهُ النَّاسُ كَلاَّ

على المولَى وتذْهبُ بالمَوَالِي

فيا ابنَ أبي سِنَانَ وكلُّ ثَاوٍ

وإنْ طَالَ المدَى فإلى انتقالِ

عَزَاءً فالنفوسُ إلى فَنَاءٍ

وصَبْراً فالقَطينُ إلى زِيَالِ

فمثلُكَ تَسْتمِدُّ الصَّبْرَ منهُ

عَلى البَأْسَاءِ أَعْيَانُ الرجَالِ

فما دُفِعَ امرؤٌ يوماً إلى ما

دُفِعْتَ له ولستَ من الحُبالِ

صَبَرْتَ وليسَ ذلكَ عَنْ سُلُوٍّ

طُوِي عَنْهُ الأَسَى لَكنْ تَسَالي

على ما نَابَ من نَفْسٍ وآلٍ

كما شَمِتَ العُدُوُّ بهِ ومَالِ

جراحٌ لا تطيبُ وفَوْتُ مَالٍ

يَضِيقُ بهِ الفضاءُ وفقدُ آلِ

فلستُمْ بالقطيفِ أشَدَّ حزناً

عليهِ اليومَ مِنَّا في أُوَال

لنا مُهَجٌ تَذُوبُ عليهِ حَرَّى

وإنْ فَاءَتْ إلى بَرْدِ الظِّلالِ

أَمَا والراقصاتِ كَأَنَّ وَحْشاً

تندُّ بما حَمَلنَ من الرِّجَالِ

إِذَا شَارَفْنَ مَكَّةَ كِدْنَ شَوْقاً

يَطِرْنَ وإنْ عُقِلْنَ مَعَ العِقَالِ

عَلَيها كلُّ عُرْيَانِ الضَّواحي

كَنَصْلِ السَّيْفِ حُودِثَ بالصِّقَالِ

إذا اسْتَجلَى البنيّةَ من بَعِيدٍ

تَرَاءَى كالمطيَّةِ في الجَلالِ

تَرَدَّى عن رحالتها نُزُولاً

وأكثرَ من دُعَاءٍ وابْتِهالِ

وطَوَّفَ حَوْلَها سَبْعاً وأَدَّى

مَنَاسِكَهُ وفَاءَ إلى انفِتَالِ

لقد عَقَدَتْ لَكَ الأيامُ مِنِّي

وَفَاءً غَيْرَ مُنْصَرِمِ الحِبَالِ

فَسَهْمي فَوقَ سَهْمِكَ في سُرُورٍ

يَسُرُّكَ حَيْثُ كُنتَ وشُغْلِ بالِ

ودونَكَ من خبيرٍ بالتعازِي

رُقَىً تعدُو على الدَّاءِ العُضَالِ

تَعزٍّ لو رقَى يعقوبُ منهُ

ببيتٍ أو أقَلَّ لَظَلَّ سَالِي

وَعَدِّ عن استماعِكَ شِعْرَ غَيري

فأينَ حَصَى الطريقِ منَ اللآلي

مَكَانُ قريضِ غيري من قريضي

مَكَانُ النَّغْلِ من وَلَدِ الحَلالِ