أما لفراقنا هذا اجتماع

أَمَا لفراقِنا هذا اجتماعُ

ولا لمدى تقاطعِنا انقطاعُ

حمَلْنَا بعدكم يا أهلَ نجدٍ

مِنَ الأشواقِ ما لا يُستَطاعُ

مننتُمْ آنِفاً بالقُرْبِ منكُمْ

فهلْ لزمانِ وَصلِكُمُ ارْتِجاعُ

رَحلْتُمْ بالنُّفُوسِ فليتَ شِعْري

أكانَ لكُمْ بأنفُسِنَا انْتِفاعُ

وخَلَّفتم جُسُوماً بالياتٍ

عَلَى جَمْرِ الغَرَامِ لها اضْطِجَاعُ

وأَكْبَاداً وأفئِدَةً مِرَاضاً

بِهَا مِنْ لاعِجِ الشَّوْقِ انصداعُ

وأَلْسِنةً خَرَسْنَ فلا كَلامٌ

وآذَاناً صَمَمْنَ فَلا اسْتِمَاعُ

وأجْفَاناً مُؤرَّقَةً دَوَاماً

لهَا عَنْ خاطِبِ الغَمْضِ امتِنَاعُ

كَأَنَّ قُلوبَنا لمَّا استَقَلَّتْ

ركائِبُكُمْ ضُحىً ودَنَا الوَدَاعُ

فِراخُ قَطاً تَخَطَّفَها بُزاةٌ

وعَرجُ ظِبَاً تَعاوَرُها سِبَاعُ

أَهيمُ بكُمْ أسَىً وأَضيقُ وَجْداً

ومَا بَيْنِي وبينِكُمُ ذِرَاعُ

فَكَيفَ وبَيْنَنَا آذِيُّ بَحْرٍ

وبِيدٌ في مَفَاوِزِهَا اتِّسَاعُ

ألاَ حَيّا الحَيَا أَحْيَاءَ قَومٍ

أَذَاعُوا بالفِرَاقِ ولَمْ يُرَاعُوا

وظَبْيٍ من ظِبَاءِ الأُنْسِ حَالٍ

يَرُوعُ القَانِصِينَ ولا يُرَاعُ

يُبَارزُنِي بألْحَاظٍ مِراضٍ

فتَصْرَعُنِي لهُ وأنَا الشُّجَاعُ

ذَكَرْتُ جَمَالَهُ والخيلُ حَسْرَى

عَوَابِسُ قد أضَرَّ بِها القِرَاعُ

وسُمْرُ الخَطِّ مرْكَزُهَا التَّرَاقِي

وبِيضُ الهِنْدِ مَغمُدها النُّخَاعُ

فَمَا لِيْثَ الخِمَارُ علَى مُحيّاً

كَغُرَّتِهِ ولا عُقِدَ القِنَاعُ