برغم العوالي والمهندة البتر

بِرغمِ العَوَالِي والمُهَنَّدَةِ البُتْرِ

دِمَاءٌ أَرَاقَتْهَا سُبَيْطِيَّةُ البَحْرِ

أَلاَ قَدْ جَرَى بَحْرُ البِلادِ وتُوبِلِي

عَلَيَّ بِما ضَاقَتْ بِهِ سَاحَةُ البَرِّ

فَويلٌ بَنِي شَنِّ بنِ أفصى وما الذي

رَمَتهُمْ بِهِ أيْدِي الحَوادِثِ من وتْرِ

دَمٌ لمْ يُرَقْ من عَهْدِ نُوحٍ ولا جَرَى

علَى حَدِّ نَابٍ للعَدُوِّ ولا ظُفْرِ

تَحامَتْهُ أَطْرَافُ القَنَا وتَعَرَّضَتْ

لَهُ الحُوتُ يا بُؤْسَ الحَوَادِثِ والدَّهْرِ

لَعَمْرُ أبِي الأيَّامِ إنْ بَاءَ صَرْفُهَا

بِثَارِ امرئٍ مِنْ كُلِّ صَالحةٍ مُثْرِي

فَلا غَرْوَ فالأيَّامُ بَينَ صُرُوفِهَا

وبينَ ذَوِي الأخْطَارِ حَربٌ إلى الحَشْرِ

أَلاَ أبْلِغُوا الحَيين بَكْراً وتَغْلباً

فَمَا الغَوثُ إلاَّ عِندَ تَغْلبَ أو بَكْرِ

أَيُرضِيكُمَا أنَّ امرأً مِنْ بنِيكُمَا

وأَيَّ امرئٍ يُدْعَى إلى الخَيرِ والشَّرِّ

يُرَاقُ علَى غَيرِ الظُّبَا دَمُ وَجْهِهِ

ويَجرِي علَى غَيرِ المُثقَّفَةِ السُّمْرِ

وتَنْبو نُيوبُ اللَّيثِ عَنهُ ويَنْثَنِي

أخُو الحُوتِ عَنهُ دَاميَ الفَمِ والثَّغْرِ

لِيَقْضِ امرؤٌ مِنْ قِصَّتِي عَجَباً فَمَنْ

يرِدْ شَرحَ هَذا الحَال يَنْظُرْ إلى شِعْرِي

أنَا الرَّجُلُ المَشْهُورُ ما مِنْ مَحلَّةٍ

مِنَ الأرْضِ إلاّ قد تخلَّلَهَا ذِكرِي

فإنْ أُمْسِ في قُطْرٍ من الأرْضِ إنَّ لِي

بَريدَ اشْتِهَارٍ في مَنَاكِبِهَا يَسْرِي

تَوَلَّعَ بِي صرْفُ القَضَاءِ ولَمْ يَكُنْ

لِتَجرِي صُرُوفُ الدَّهْرِ إلاّ علَى الحُرِّ

تَوَجهْتُ مِن مِرِّي ضُحَىً فَكَأنَّمَا

توَجَّهتُ من مِرِّي إلى العَلْقَمِ المُرِّ

تَلَجْلَجْتُ خُورَ القَرْيَتَينِ مُشَمِّراً

وشِبْلِي مَعِي والماءُ في أوَّلِ الجَزْرِ

فَمَا هُوَ إلاّ أن فُجِئْتُ بِطَافِرٍ

مِنَ الحُوتِ في وَجْهِي ولا ضَرْبةَ الفِهْرِ

لَقَدْ شَقَّ يُمْنَى وَجْنَتَيَّ بِنَطْحَةٍ

وقَعتُ لَهَا دَامِي المُحَيَّا علَى قِطْرِي

فَخُيِّلَ لِي أنَّ السَّمواتِ أطْبِقَتْ

عَليَّ وأَبْصَرتُ الكَوَاكِبَ في الظُّهْرِ

وقُمْتُ كهَدْيٍ نَدَّ من يَدِ ذَابِحٍ

وقد بَلَغتْ سِكِّينُهُ ثَغْرةَ النَّحْرِ

يُطَوِّحُني نَزْفُ الدِّمَاءِ كأنَّنِي

نَزيفُ طِلَى مَالَتْ بِهِ نَشْوَةُ الخَمْرِ

فَمَنْ لامرئٍ لا يَلْبَسُ الوَشْيَ قَد غَدَا

ورَاحَ موَشَّى الجَيْبِ بالنُّقَطِ الحُمْرِ

وَوَافَيْتُ بَيتِي ما رَآنِي امْرؤٌ ولَمْ

يَقُلْ أو هَذَا جَاءَ من مُلْتقَى الكرِّ

فَهَا هُوَ قدْ ألقَى بوَجهِي عَلاَمَةً

كَمَا اعتَرَضَتْ في الطِّرسِ إعْرابَةُ الكَسْرِ

فَإنْ يَمْحُ شَيئاً من مُحَيَّايَ أثرُهَا

بِمقْدَارِ أخذِ المَحْوِ من صَفْحَةِ البَدْرِ

فَلاَ غَرْوَ فالبِيْضُ الرِّقَاقُ أَدَلُّهَا

علَى العِتْقِ ما لاَحتْ بِهِ سِمَةُ الأَثْرِ

وَقُلْ بَعْدَ هَذَا للسُّبيْطيَّةِ افْخَرِي

علَى سَائِرِ الشُّجْعَانِ بالفتْكَةِ البِكْرِ

وقُلْ للظُّبَا فِيئِي إلَيْكِ عَن الطُّلَى

وللسُّمْرِ لا تَهزُزْنَ يَوماً إلى صَدْرِ

فَلَوْ هَمَّ غَيرُ الحُوتِ بِي لتَوَاثَبَتْ

رِجَالٌ يَخُوضُونَ الحِمَامَ إلى نَصْرِي

فَإمَّا إذَا ما عَزَّ ذَاكَ ولَمْ يكُنْ

لأُدْرِكَ ثَارِي مِنهُ ما مُدَّ في عُمْرِي

فَلسْتُ بِمَوْلَى الشِّعْرِ إنْ لَمْ أَزُجُّهُ

بِكُلِّ شَرُودِ الذِّكْرِ أعدَى من العرِّ

أَضَرُّ عَلَى الأجْفَانِ من حَادِثِ العَمَى

وَأَبْلَى علَى الآذَانِ من عَارِضِ الوَقْرِ

يُخَافُ علَى من يَركَبُ البَحْرَ شَرُّهَا

ولَيسَ بِمَأمُونٍ علَى سَالِكِ البَرِّ

تَجُوسُ خِلالَ البَحْرِ تَطْفَحُ تَارَةً

وتَرْسُو رُسَوَّ الغَيصِ في طَلَب الدُّرِّ

تَنَاولُ مِنهُ ما تَعَالَى بِسَبْحِهِ

وتُدْرِكُ دُونَ القَعْرِ مُبْتَدرَ القَعْرِ

لَعَمْرُ أبِي الخطِيِّ إنْ بَاتَ ثَارُهُ

لدَى غَيرِ كُفْوٍ وهوَ نَادرةُ العَصْرِ

فَثَارُ عَليٍّ بَاتَ عِنْدَ ابنِ مُلْجَمٍ

وأعقَبَهُ ثَارُ الحُسَينِ لَدَى شِمْرِ