جذ الردى سبب الإسلام فانجذما

جَذَّ الردَى سَبَبَ الإسلامِ فَانْجذَمَا

وهَدَّ شَامِخَ طَوْدِ الدِّينِ فَانْهدَما

وَسَامَ طَرْفَ العُلا غَضّاً فأغمضَهُ

وفَلَّ غَرْبَ حُسَامِ المجْدِ فَانثَلَمَا

اللهُ أكبرُ ما أَدْهَاكِ مُرْزيةً

قَصَمْتِ ظهرَ التّقى والعلمَ فانقَصما

أَحْدثْتِ في الدينِ كَلْماً لو أُتيحَ لهُ

عِيسى بنُ مريمَ يأسُوهُ لما التَحَما

أَيُّ امرئٍ وَيْكِ أَفْجعَتِ الأنامَ بهِ

فاسْتشعَرُوا بَعْدَه التَّزفارَ والألَما

كلٌّ يُزيرُ ثَنَاياهُ أَنَامِلَهُ

حُزْناً عليهِ ويُدْميها بهِ نَدَما

وينثرونَ وسلكُ الحُزْنِ ينظمُهم

على الخُدُودِ عَقيقَ الدمعِ مُنْسَجِما

لَهْفي وما لَهَفي مُجْدٍ عَلَيَّ على

مَجْدٍ تَفرَّقَ أشْتَاتاً فما التَأَمَا

لَهْفي على كَوكَبٍ حَلَّ الثرى وعلى

بَدْرٍ تَبوَّأَ بعد الأبْرُجِ الرُّجُمَا

إيهٍ خَليليَّ قُومَا واسْعِدَا دَنِفاً

أصَابَ أَحْشاهُ رَامي الحُزْنِ حِينَ رمَى

نبكي خِضَمَّ عُلُومٍ جَفَّ زاخرُهُ

وَغَاضَ طَامِيهِ لَمَّا فَاضَ والتطَمَا

نبكي فَتىً ما تخطَّى الضيمُ ساحتَهُ

ولا أَبَاحَ له غَيرُ الحِمامِ حِمَى

ذا مَنْظَرٍ يُبْصِرُ الأعْمَى برؤيتِهِ

هُدىً وذا مَنْطِقٍ يَسْتنطقُ البُكُمَا

لو عَلَّمَ الوَحْشَ ما يُنْشِيه من حِكَمٍ

لَرَاحَتِ الوحشُ من تعليمه عُلَما

أو أسمعَ الأُسْدَ شيئاً من مَوَاعِظِهِ

لظَلَّتِ الأُسْدُ خَوفاً تُكْرِمُ الغَنَما

لو أَنْصفَ الدهرُ أفَنَانا وخَلَّدَهُ

وكانَ ذلكَ من أَفعَالِهِ كَرَمَا

ما راحَ حتّى حَشَا أسماعَنا دُرَراً

من لَفْظِهِ وسَقَى أذْهَانَنا حِكما

كالغيثِ لم ينأَ عن أرضٍ ألمَّ بها

حتّى يُغَادِرَ فيها النبتَ قد نَجَما

كأنَّهُ وضريحٌ ضَمَّ جُثَّتَهُ

ذُو النُّونِ يونسُ لما أَنْ لَهُ التَقَما

يا قبرَهُ لا عَدَاكَ الدهرُ مُنسجماً

من المدامِعِ هَامٍ يُخْجلُ الدِّيَمَا

صَبراً بنِيهِ فإنَّ الصبرَ أجملُ بالْ

حُرِّ الكريمِ إذا ما فادحٌ دَهَما

هِيَ النوائبُ ما تنفكُّ دَامِيةَ الْ

أنيابِ مِنَّا وما مِنْها امرؤٌ سَلِما

فكمْ تخطَّفَ رَيْبُ الدهرِ من أُمَمِ

فأصبحُوا تحتَ أطباقِ الثرَى رِممَا

لو كرَّمَ اللهُ عن هَذَا الردَى أحداً

لكرَّمَ المصطفَى عن ذَاكَ واحْتَرَمَا

صَلَّى عليه إِلهُ العَرْشِ ما وَخَدَتْ

خُوصُ الركابِ تؤمُّ البيتَ والحرما

فابقُوا بقاءَ الليالي لا يغيّرُكم

دهرٌ وشمْلُكُمُ ما زال منتظِما

ما استعبرتْ والهاتُ السُّحْبِ باكيةً

حَيَاً وما افترَّ ثغرُ الزهرِ مُبتسِما