صاح ما وجدي بسكان المحل

صَاحِ ما وَجْدي بسُكَّانِ المَحلِّ

بالذي تَحْوِيْهِ أرْقَامُ السِّجِلِّ

فَأَرِحْ جَاريَةَ الأَقْلامِ منْ

خِطَطٍ مَنْ يَبْتدِرْهُنَّ يَكِلِّ

غَيرَ أنِّي أَبْعَثُ الرِّيحَ لَهُمْ

بِسَلامٍ إنْ تَعِدْهُ لا يَمَلِّ

عَبِقٌ يَنْفضُّ رَيَّاهُ عَلَى

كُلِّ حَزْنٍ يَتَخطَّاهُ وسَهْلِ

وكَلامٍ يَستمِلُّ الوَجْدَ مِنْ

خَاطِرٍ ملآنَ مِنْ ذَاكَ ويُمْلِي

يا نُزُولاً بَينَ أجْرَاعِ الحِمَى

وفُؤَادِي حَيْثُمَا حَلُّوا يَحلِّ

وأبَى العُشَّاقُ لَوْلا حَسَدِي

كَلَّ مَنْ يأتِيكُمُ بالكُتْبِ قَبْلِي

لَغَدَا أكْثَرُ ما في الأَرْضِ مِنْ

وَرَقٍ كُتْبي لَكُمْ والخَلْقُ رُسْلِي

يا شَوَى قَلْبي على البُعْدِ فَهَلْ

مِنْ لِقاً يُعدِي علَى ذَاكَ وَوصْلي

وغَزَانِي عَسْكَرُ الشَّوْقِ فَلَمْ

يَكُ عن شَيءٍ سِوَى قَلْبي يَحِلِّ

إنَّ مَنْ أَمْطَرَهُ البُعْدُ وَبَالاً

أفَلا يُنْعشُهُ القُربُ بِوَبْلِ

كُلَّمّا أعْطَشَنِي اليأسُ بِهَيْهَا

تَ مِن الوَصْلِ تَعلَّلتُ بِعَلِّ

كُنْتُ والأرْضُ إذَا صَافَحَها

قَدَمِي أُثْقِلَها أَعْظَمَ ثِقْلِ

أَصْبَحَتْ أثقَلَ مِنِّي نَمْلَةٌ

فَزِنُوا بِي بَعْضَها يَرْجَحْ بِكُلِّي

ثُمَّ لو قَد حَمَلَتْنِي بَقَّةٌ

مُدَّةَ الأيَّامِ لَمْ تَعيَ بِحَمْلِي

فَإنِ اسْتَحلَلْتُمُ قَتْلي فأَنتُمْ

أَبداً في سَعَةٍ مِنهُ وحِلِّ

غَيرُ مَنْشودِينَ عَنْ ذَاكَ فإنْ

يَقتُلِ العَبدُ مُوَاليهِ يُطلِّ

واسْتَشفَّتْنِي يَدُ الشُّوقِ فَلَوْ

قُمْتُ في الشَّمْسِ لَمَا أبْصَرتُ ظِلِّي

أَيْنَ من يُسْلفُنِي دَمْعاً فَقَدْ

غَاضَ ما أبْكِي بِهِ غَيْرَ الأَقَّلِ

وجَرَى ذَاكَ دَماً فاحْتَاجَ مِنْ

سَاكبِ الدَّمْعِ لِتَطهيرٍ وغُسْلِ

يا نَسِيماً هَبَّ من نحوِهِمُ

هَاتِ باللَّهِ عن الحَيِّ فَقُلْ لِي

أَعَلَى العَهْدِ هُمُ أم ضَيَّعُوا

مَا لَنَا من ذِمَّةٍ فِيهِمْ وإلِّ

أَنْضَجُوا أكْبَادَنَا حَرّاً وهُمْ

وهَنَاهُمْ ذَاكَ في بَرْدٍ وظِلِّ

ليتَهُمْ إِذْ ملَكُونَا كُلَّنَا

مَلَّكُونا عنهُمُ بعضَ التَّسَلِّي

كَيفَ نَسْلُو والتَّسَلِّي عَنْهُمُ

كِلْفَةٌ تُحدَثُ والوَجْدُ جِبِلِّي

ما تَسلَّينَا بِشَيءٍ حَسَنٍ

عَنْ هَوَاهُمْ فَرأينَا ذَاكَ يُسْلي

ما علَى المُثْري من الصَّبْرِ إذَا

جَادَ مِنْهُ بِقَلِيلٍ للمُقِلِّ

إنَّ شَخصاً أَشْخَصَتْهُ عَنهُمُ

نِيَّةٌ تُفضِي لِعِزٍّ بعد ذُلِّ

وتُؤَدِّيهِ إلى ما يَشْتَهِي

من شَرَابٍ وِفْقَ ما شَاءَ وأَكْلِ

فأَنَا مِنْهُ عَلَى فُرْشِ الهَنَا

بَينَ عَلٍّ من أَمَانيهِ ونَهْلِ

وأَجازتْهُ السَّمواتُ عُلاً

وصُعُوداً فَهْوَ في أسْفَلِ سُفْلِ

قُلْ لسُكَّانِ الحِمَى عن نَازِحٍ

قَذَفَ الدَّهْرُ بِهِ نَأْيَ المَحَلِّ

إنّ تَرَامَى البُعْدُ بِي عَنْكُمْ فَلَم

أَرَكُمْ إلاّ بِكُتْبٍ أو بِرُسْلِ

ورَمَاني كُلَّما أَفْرَقُ مِنْ

نَبْلِهِ أنْكسَهُ الشَّوقُ بِنََبْلِ

واستَقَلَّ الرَّكبُ بي عَنْكُمْ وقَلبِي

عندَكُمْ والجِسمُ عِندَ المُستَقلِّ

فلأنتُمْ نُصْبَ عيني أيْنَما

كُنْتُ مجموعاً بِكُمْ في البُعْدِ شَمْلي