يا ذا الذي ألف الثواء وذكره

يَا ذَا الذي أَلِفَ الثَّوَاءَ وذِكْرُهُ

قَطَعَ البِلادَ مُغَرِّباً ومُشَرِّقَا

أُهْدي إليكَ علَى الدُنُوِّ تحيةً

أذكَى من المِسْكِ الفَتيقِ وأعْبَقَا

وأُطيلُ عُتْبِي في تأخُّرِ مَوْعِدٍ

لَكَ يا أبَرَّ القَائلينَ وأصْدَقَا

أنفَقْتُ ما عندِي عَليهِ ومن أوَى

يَوماً إلى الخَلَفِ المُعَجَّلِ أنفَقَا

حَاشَاكَ أنْ رَجَعَ امْرؤٌ أعْلقْتَهُ

حَبْلَ الرَّجَاءِ من المطَالِبِ مُخْفِقَا

لا شَيءَ أبْرَحُ غُلَّةً من وَارِدٍ

أدلَى بأدْوامِ الدِّلاءِ وما اسْتَقَى

فَوْتُ المطَالِبِ بَعد أنْ وقَفْتُ علَى

حَدٍّ تَكادُ بِهِ المُنَى أن تَعْلقَا

ما الثَّكلُ بالأبْنَاءِ حينَ تَتَابعُوا

بأمَضَّ للأحْشَاءِ منهُ وأقْلقَا

مَنْ يَستعِنْ فيمَا يَرُومُ بِمَاجِدٍ

لَمْ يَرْمِ حَاجَتَهُ بِسَهْمٍ أَفْوَقَا

هُو مَنْ لو اسْتَنضَى صَوَارمَ عَزْمِهِ

ورمَى بِهَا صَرفَ القَضَاءِ لَطَبَّقَا

العَالِمُ العَلَمُ البَعيدُ المرتَقَى

والمَورِدُ العذْبُ القَريبُ المُسْتقَى

شَمسُ العُلاَ نَجمُ الهُدَى طَوْدُ النُّهَى

بَحرُ النَّدَى رُكنُ النَّجَا كَنزُ التُّقَى

ومُهَذَّبٌ لَو أنَّ مادحَهُ أتَى

في وَصْفِهِ بالمُستحيلِ لَصُدِّقَا

أثْنَى الثَّنَاءَ عَلِيَّ حينَ صَرَفتُهُ

لأحَقِّ شَخْصٍ بالثَّنَاءِ وأخْلَقَا

ما أُرْسِلَتْ خَيلُ الثَّنَاءِ إلى عُلاهُ

إلاّ وكُنَّ إلى عُلاَهُ أسْبقَا

ذِكْرٌ جَرَى مَجْرَى الرِّياحِ وشُهْرةٌ

أخَذَتْ على القَمَرَينِ أن لا يُشْرِقَا

وكَريمُ أصْلٍ ما تَمَسَّكَ مُنتَمٍ

يَوماً بِأَمْتَنَ من عُرَاهُ وأوثَقَا

يا مُنْتقِي الأخْلاقِ أَيُّ وسِيلةٍ

أُدلي بِهَا بَعْدَ الكَلامِ المنْتَقَى

هذَا وأُقسِمُ بالمُثَوَّبِ غُدْوَةً

بأبِي المنَائِرِ دَاعِياً وأبِي اللِّقَا

لَولاَ وِدَادٌ أُحكِمتْ أسْبابُهُ

ما بينَنا ووَسَائلٌ لَنْ تَخْلَقَا

ما فُهْتُ بالشَّكْوى إليكَ ولَمْ أكُنْ

يَوْماً بِحرفٍ في العِتَابِ لأنْطِقَا

قُمْ غَيْرَ مَأْمُورٍ عَلَيكَ وجُدَّ في

تقصِيرِ عُمْرِ الوَعْدِ طَالَ لَكَ البَقَا