يا ساكني الخط في قلبي لكم خطط

يا سَاكِنِيْ الخَطِّ في قَلْبي لَكُمْ خِطَطٌ

مَعْمورَةٌ بمَعانِيكم مَغَانِيهَا

يا جَادَ أرْضاً تبوَّأتُمْ مَعَالِمَهَا

وَطْفَاءَ ينْحَلُّ مِنْ دَمْعيَ عَزاليها

يَا هَلْ تَرَوْنَ لمحنيّ الضُّلُوعِ عَلَى

ذِكرِ الدِّيَارِ وُقُوفاً في مَحَانِيهَا

تَبُلُّ نَفْساً إذَا اسْتسْقتْهُ وصلَكُمُ

وعِزَّ ظَِلٍّ بكأسِ اليأسِ يُسقِيها

كَادَتْ تُقِيمُ علَى أَرجاءِ مَصْرَعِهَا

لَوْ لَمْ تَجدْهُ بلُقْياكُمْ يُرَجِّيهَا

لَمْ يُولِكُمْ مُذْ تَوَلَّى عَنكُمُ مَلَلاً

لوِجْهَةٍ هُو عن قَصْدٍ مُولِّيهَا

إِنْ سَاقَ عَنْ ربعِكُمُ أنَضاءَهُ فكفَى

لهُ بِأشْيَاءَ من وجْدٍ يُقاسِيهَا

حَشاً لَوَ انَّكَ تَسْتَملِي صَبَابتَهَا

أكدَى ولاذَ بِظِلِّ العَجْزِ مُمْلِيهَا

وزَفْرَةٍ لو ثَوَى اليَوْمَ الخَلِيلُ بِها

أودَى ولَمْ يُغْنِ عَنهُ بَردُهُ فِيهَا

لوْ سِيمَ وَبْلُ الحَيَا إِطْفَاءَ وقْدَتِها

لَم تَلفْهُ ومِياهُ الأَرْضِ يُطفِيهَا

وعَبْرَةٍ لو دُعِي نوحٌ لِيَسْلكَهَا

بِفُلكِهِ قَال بِسْمِ اللَّهِ مُرسِيهَا

ومُقلةٍ أَلِفَتْ فَرْطَ السُّهَادِ فَلوْ

رُدَّ الرُّقَادُ عَلَيها كَادَ يُؤذِيهَا

ماذَا علَى الطَّيرِ إذْ أبلَى الضَّنى جَسَدِي

فَخَفَّ لو حمَلتْنِي في خَوافِيها

إِنْ يقعدِ الطَّيْرُ عَنْ حَمْلي لَكُمْ وسَرَتْ

رِيحُ الصَّبَا فاطْلُبُوني في مَسَارِيهَا

تُلْقي لَكُمْ جَسَدي لو أنَّ عِلَّتَهُ

يُدعَى المَسِيحُ لَها ما كادَ يُبرِيهَا

لَقد تضاءَلَ حتّى لو قَذفتُ بِهِ

في مُقلَةٍ ما أحسَّتْهُ مَآقِيها

ومُسْتريحٍ إلى تَرجيعِ نَغمَتِهِ

أضْحَى يَبُثُّ صَبَابَاتِي ويُبدِيها

فما تَثنَّتْ بِهِ أعطافُ بانَتِهِ

إلاّ ثَنَى وجْهَ سُلْوانِي تَثَنِّيهَا

ومُستطيرٍ كأَنَّ الرِّيحَ تُلْهبُهُ

إذَا اسْتَمرَّ عَلَيهِ خَفْقُ سَارِيهَا

أَشِيمُهُ خُلَّباً والعَينُ تُبْصِرُهُ

بِعَبْرةٍ سَالَ حتّى غَصَّ وادِيهَا

ومُسْتميتِ السُّرَى لو مَرَّ نَاسِمُهُ

بِشَعْرةٍ لم يَكَدْ مَسْراهُ يُثنِيهَا

سَرَى فأسْرَى الكرَى عنِّي فأَنْزَلَ بِي

صَبابَةً بِتُّ تُخفِينِي وأُخْفِيها

يا ويحَ نَفْسِي أمَا شَيءٌ يعنُّ لَهَا

إلاّ وظَلَّ لبَلْواهَا يُعنِّيها

إنْ أومَضَ البَرقُ أشْجَاهَا وإنْ هتَفَتْ

وُرْقُ الحِمَى باتَ حَرُّ الشَّوقِ يُحميهَا

وإنْ تنَسَّمَ عُلْويُّ الرِّيَاحِ لَها

ألفَيتُهُ لقَصِيّ الوَجْدِ يُدْنِيها

لقَدْ مُنيتُ بما اختَرتُ المَنونَ لَهُ

يا قَومُ لو أُعْطِيتْ نَفْسٌ أَمانِيهَا

يا قَطَّعَ اللَّهُ أسَبَابَ النَّوَى وَرَمَى

حُجُبَ البِعَادِ بِما يُبلِيْ حَوَاشِيْهَا